وكان تعليقه بقوله «إن صحّ هذا» ممّا ينبئ عن ترديده في صحّة النسبة.
[١ / ٣٥٢] ثمّ قال : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القاسم الإسكندرانى يقول : سمعت أبا جعفر الملطي يذكر عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمّد عليهمالسلام قال : «بسم» الباء بقاؤه ، والسين أسماؤه ، والميم ملكه. فإيمان المؤمن ذكره ببقائه وخدمة المريد ذكره بأسمائه. والعارف فناه عن المملكة بالمالك لها. وقال أيضا : «بسم» ثلاثة أحرف : باء وسين وميم ، فالباء باب النبوّة ، والسين سرّ النبوّة الذي أسرّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم به إلى خواصّ أمّته ، والميم مملكة الدين الذي أنعم به للأبيض والأسود (١).
قلت : وليته تنظّر في صحّة مثل هذه النسبة إلى أئمة أهل البيت أيضا كما تنظّر في صحّة نسبتها إلى جدّهم الرسول عليهمالسلام. فإنّ الراوي عن الإمام الرضا عليهالسلام هو أبو جعفر الملطي ، وقد وصم أصحاب التراجم الملطيّين بأجمعهم بالكذب على الأكابر. وكان عبد الغنيّ بن سعيد الحافظ المصري يقول : ليس في الملطيين ثقة (٢).
والأسلم طريقة ما سلكه أرباب الذوق السليم ، من اعتبار ذلك من قبيل تداعي المعاني عند تذكار هذه الحروف بذكر (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، من غير إرادة تفسير أو تأويل أو تحميل.
قال الإمام القشيري : «وقوم ، عند ذكر هذه الآية ، يتذكّرون من الباء برّه بأوليائه ، ومن السين سرّه مع أصفيائه ، ومن الميم منّته على أهل ولايته. فيعلمون أنّهم ببرّه عرفوا سرّه ، وبمنّته عليهم حفظوا أمره ، وبه سبحانه وتعالى عرفوا قدره.
وقوم ، عند سماع (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) تذكّروا بالباء براءة الله سبحانه وتعالى من كلّ سوء ، وبالسين سلامته سبحانه عن كلّ عيب ، وبالميم مجده سبحانه بعزّ وصفه.
وآخرون يذكرون عند الباء بهاءه ، وعند السين سناءه ، وعند الميم ملكه» (٣).
وهي طريقة سليمة ليس فيها تحميل على القرآن ولا تأويل باطل لآياته الكريمة. وإنّما هو خطور ذهني محض عند تذكّر هذه الحروف ، الأمر الذي لا مشاحّة فيه.
__________________
(١) تفسير السّلمي ١ : ٢٥ ـ ٢٦.
(٢) راجع : الأنساب للسمعاني ٥ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠.
(٣) لطائف الإشارات ١ : ٥٦.