الاتحاد مفهوما. في حين أنّ الحمد إنّما يقع مصداقا للشكر لا ذاته. واستدل الطبري على أنّهما بمعنى ، بصحّة قولك : الحمد لله شكرا (١). بزعم أنه مصدر تأكيدي (مفعول مطلق)! في حين أنّه لبيان الغاية (مفعول له) كما في «ضربته تأديبا».
ومن ثمّ ردّ عليه ابن عطيّة بأنّه (أي المثال الذي مثّل به) في الحقيقة دليل على خلاف ما ذهب إليه ، لأنّ قولك : «شكرا» إنّما خصّصت به الحمد ، لأنّه على نعمة من النعم (٢). أي خصّصت الحمد لغاية الشكر على النعمة! نعم كان الحمد أخصّ من الشكر موردا ، حيث الشكر أعم من أن يكون بالثناء أو بعمل يكون وفاء بالأداء.
وهذا هو مراد من فسّر الحمد بالشكر ، أى بالحمد يتحقّق الشكر لله على نعمائه.
[١ / ٤٢٠] قال ابن عطاء ـ فيما رواه أبو عبد الرحمان السّلمي ـ : معناه (أي الحمد لله) : الشكر لله ، إذ كان منه الامتنان على تعليمنا إيّاه حتّى حمدناه (٣).
[١ / ٤٢١] قال السّلمي : وذكر عن جعفر الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) ، فقال : «من حمده بجميع صفاته كما وصف نفسه فقد حمده. لأنّ الحمد ، حاء وميم ودال. فالحاء من الوحدانيّة ، والميم من الملك ، والدّال من الدّيمومة. فمن عرفه بالوحدانيّة والملك والدّيمومة ، فقد عرفه» (٤).
وهذا من الرموز عند أهل الإشارة!
وإليك تفسير الحمد بالشكر على منصّة الروايات :
[١ / ٤٢٢] أخرج عبد الرزاق في المصنّف والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والخطّابي في الغريب والبيهقي في الأدب والديلمي في مسند الفردوس والثعلبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : الحمد ، رأس الشكر ، فما شكر الله عبد لا يحمده (٥).
__________________
(١) قال : فقد صحّ تبادل أحدهما مكان الآخر. وذلك دليل على الاتحاد مفهوما. الطبري ١ : ٩١.
(٢) المحرّر الوجيز ١ : ٦٦.
(٣) حقائق التفسير ١ : ٣٣. وابن عطاء هذا هو واصل بن عطاء البصري شيخ المعتزلة والمؤسّس لمذهبهم ، كانت له ولاء لآل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم له كتاب «معاني القرآن». توفي سنة ١٣١. وله ترجمة في أمالي المرتضى ١ : ١٦٣ ـ ١٦٩.
(٤) المصدر.
(٥) الدرّ ١ : ٣٠ ؛ المصنّف ١٠ : ٤٢٤ / ١٩٥٧٤ ؛ النوادر ٢ : ٢٠٤ ؛ الأدب : ٢٩٣ / ٨٨٨ ؛ فردوس الأخبار ٢ : ٢٤٨ / ٢٦٠٧ ؛ الثعلبي ١ : ١٠٩ ؛ الشعب ٤ : ٩٦ ـ ٩٧ / ٤٣٩٥ ، باب تعديد نعم الله وشكرها ؛ أبو الفتوح ١ : ٦٣.