من نسخ بعد وفاة الرسول وبعد انقطاع الوحي؟!
[م / ٨٣] ونظير ذلك ما رواه البخاري ومسلم بإسنادهما عن ابن عبّاس ، قال : خطب عمر بعد مرجعه من آخر حجّة حجّها ، قال فيها : إنّ الله بعث محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحقّ ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان ممّا أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها وعقلناها ووعيناها. فأخشى إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل : ما نجد آية الرجم في كتاب الله (١) وزاد مالك في الموطّأ : لو لا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها : «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة». فإنّا قد قرأناها.
قال مالك : قال يحيى بن سعيد : قال سعيد بن المسيّب : فما انسلخ ذو الحجّة حتّى قتل عمر. قال يحيى (٢) : سمعت مالكا يقول : قوله : الشيخ والشيخة ، يعني الثيّب والثيّبة (٣).
ومن طريف الأمر أنّ عمر جاء بآية الرجم عند الجمع الأوّل على عهد أبي بكر ، فلم تقبل منه ، وطلب منه زيد شاهدين ، عجز عن إقامتهما (٤). ولعلّه سمع شريعة الرجم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فظنّها آية قرآنيّة. وهكذا فيما ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من عبائر ذوات السجع النغمي ، كان يظنّها قرآنا.
وهكذا زعم أنّ القرآن يشتمل على (١٠٢٧٠٠٠) ألف ألف حرف وسبعة وعشرين ألف حرف ، قال : من قرأه صابرا محتسبا ، كان له بكلّ حرف زوجة من الحور العين (٥).
لا ندري متى تعلّم الخليفة علم التعداد ، ومن الذي عدّد له حروف القرآن آنذاك؟ في حين أنّ المأثور عن ابن عبّاس ـ المتوافق مع الواقع ـ : أنّ حروف القرآن (٣٢٣٦٧١) ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة وواحد وسبعون حرفا (٦).
قال الذهبي : تفرّد محمّد بن عبيد بهذا الخبر الباطل (٧).
ولعلّ من هكذا تلفيقات موضوعة عن لسان الخليفة نشأت مزعومة ابنه عبد الله ، من ضياع قرآن كثير :
__________________
(١) البخاري ٨ : ٢٥ ـ ٢٦ ، باب رجم الحبلى ؛ مسلم ٤ : ١٦٧ و ٥ : ١١٦ ؛ الموطّأ ٢ : ٨٢٤ / ١٠ ؛ أبو داوود ٢ : ٣٤٣ / ٤٤١٨ ، باب ٢٣ ؛ ابن ماجة ٢ : ٨٥٣ ـ ٨٥٤ / ٢٥٥٣ ، باب ٩ ؛ الترمذي ٢ : ٤٤٢ / ١٤٥٦ ، باب ٦ ؛ الدارمي ٢ : ١٧٩ ؛ مسند أحمد ١ : ٥٥ و ٥ : ١٣٢.
(٢) هو يحيى بن يحيى الليثي راوي الموطّأ عن مالك.
(٣) تنوير الحوالك ٣ : ٤٣ ؛ الموطّأ ٢ : ٨٢٤. وراجع : فتح الباري ١٢ : ١٢٧.
(٤) الإتقان ١ : ١٦٨.
(٥) الإتقان ١ : ١٩٨ ؛ الأوسط ٦ : ٣٦١ / ٦٦١٦.
(٦) الإتقان ١ : ١٩٨.
(٧) ميزان الاعتدال ٣ : ٦٣٩.