١١ ـ «فالذين آمنوا منكم واتقوا» إلى : (وَأَنْفِقُوا)(١).
١٢ ـ «وما هو على الغيب بظنين» إلى : (بِضَنِينٍ)(٢).
قال : ولم يصنع الحجّاج ما صنع ، إلّا بعد اجتهاده وبحثه مع القرّاء والفقهاء ، وبعد إجماعهم على أنّ جميع ذلك قد حدث من تحريف الكتّاب والناسخين ، لجهلهم أو لخطاء الكاتب في سماع ما يملى عليه ، والتباسه فيما يتلى عليه (٣).
يا لها من قباحة في القول ، يجعل صنيع الحجّاج (الفاسد الرأي والعمل) تصحيحا لما فرط عن السلف فيما زعم!!
والشيء الأغرب اغترار مثل الإمام محيي الدين ابن عربي بأمثال هذه الخرائف ، فزعم سقطا في القرآن لا يستهان به.
ذكر الشيخ عبد الوهّاب الشعراني : أنّ الإمام محيي الدين (توفّي سنة ٦٣٨) يرى من مصحف عثمان ناقصا منه عمّا نزل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قرآن. حيث قال : وقد زعم بعض أهل الكشف أنّه سقط من مصحف عثمان كثير من المنسوخ. قال : ولو أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان هو الذي تولّى جمع القرآن لوقفنا وقلنا : هذا وحده هو الذي نتلوه ، إلى يوم القيامة. قال : ولو لا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها ، لبيّنت جميع ما سقط من مصحف عثمان. قال : وأمّا ما استقرّ في مصحف عثمان ، فلم ينازع أحد فيه (٤).
فيا باعد الله الشيطان ، حيث غرّ أمثال هؤلاء الأعلام ، بوساوسه ودسائسه في خبيئات الظلام.
هذا وأمّا علماؤنا الأعلام من أهل النظر والتحقيق ، فقد شطبوا على تلكم المهازل ، والتي حاكتها عقول هزيلة ، لا قيمة لها ولا وزن في عالم الاعتبار ، حديث خرافة يا أمّ عمرو!
وأمّا الشرذمة القليلة من الفئة الأخباريّة ، ممّن واكبوا إخوانهم الحشويّة ، في الأخذ بتلك الأحاديث المهازيل ، فقد خالفوا الأمّة في إجماعهم على سلامة الكتاب عن تناوش أيدي
__________________
(١) الحديد ٥٧ : ٧.
(٢) التكوير ٨١ : ٢٤.
(٣) الفرقان لابن الخطيب : ٥٠ ـ ٥٢.
(٤) نقل ذلك الشيخ الشعراني في كتابه «الكبريت الأحمر» المطبوع على هامش «اليواقيت والجواهر» ١ : ١٣٩. مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر. سنة ١٩٥٩ م ١٣٧٨ ه.