المنافقين أسقطوا ممّا بين القول في اليتامى وبين نكاح النساء. من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن» (١).
هذه الرواية ـ على نكارتها ـ لم توجد في أيّ مستند من المستندات الحديثيّة ، سوى هذا الكتاب المقطوع الإسناد. كما لم يعرف مؤلّفه ، من هذا الطبرسي؟ لحدّ الآن.
أمّا من حيث المحتوى فلعلّه أدلّ على غباوة واضعها ، إذ كيف يعقل سقوط أكثر من ألفي آية ، فيها خطاب وقصص وأحكام ، من أثناء آية واحدة؟! فلعلّها كانت لوحدها تعدل السور الطوال بأسرها. فيا للعجب من عقليّة هزيلة تركن إلى أمثال هذه المفتعلات الفاضحة.
ثمّ التناسب بين صدر الآية وذيلها واضح لائح ، لا غبار عليه. إذ كان المسلمون يتحرّجون من اقتراب أموال اليتامى ، فرخّص لهم الازدواج بأرامل الشهداء أو ببناتهم فيستساغ لهم التصرّف في أموالهم ، حيث الرضا بالحال.
وهكذا النوري في كتابه «فصل الخطاب» اعتمد روايات لا قيمة لها ، وكانت المسانيد منها قابلة للتأويل الوجيه حسبما فصّلنا الكلام عنها.
ومن تلك الروايات ـ ولعلّها من أهمّها لدى الشيخ النوري ـ ما ذكره صاحب كتاب «دبستان المذاهب» (٢) ـ من سورة الولاية المفتعلة ، وفيها ركّة ونفارة ، يرفضها الذوق السليم. منها قوله : «إنّ عليّا قانت في الليل ساجد يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربّه ، قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون». كلام لا انسجام فيه ، فضلا عن ركاكة أسلوبه الملفّق. حسبما ذكره الإمام البلاغي.
قال : وإنّ صاحب فصل الخطاب من المحدّثين المكثرين المجدّين في التتبّع للشواذّ ، وإنّه ليعدّ أمثال هذا المنقول من دبستان المذاهب ، ضالّته المنشودة. ومع ذلك قال : إنّه لم يجد له أثرا في كتب أصحابنا الإماميّة (٣).
__________________
(١) الاحتجاج ١ : ٣٧٧.
(٢) هذا الكتاب مجموعة حكايات ملتقطة من هنا وهناك ، في الشوارع والطرق والمقاهي ، على يد الموبد كيخسرو اسفنديار ، أحد دراويش الهند ما بين سنة (١٠٤٠ ـ ١٠٦٥ ه). وهو من ولد «آذر كيوان» مؤسّس الفرقة الكيوانيّة الإلحادية ، على عهد الملك أكبر شاه التيموري (٩٦٣ ـ ١٠١٤) بالهند. (صيانة القرآن من التحريف : ١٩١ ـ ١٩٢).
(٣) آلاء الرحمان : ٢٤ ـ ٢٥ ، في المقدّمة.