اللهم إلّا أن يقال (٢١٤١) ـ بعد ظهور كون الزمان الماضي في الرواية ظرفا لليقين ـ : إنّ الظاهر تجريد متعلّق اليقين عن التقييد بالزمان ؛ فإنّ قول القائل : " كنت متيقّنا أمس بعدالة زيد" ظاهر في إرادة أصل العدالة ، لا العدالة المقيّدة بالزمان الماضي ، وإن كان ظرفه في الواقع ظرف اليقين ، لكن لم يلاحظه على وجه التقييد ، فيكون الشكّ فيما بعد هذا الزمان ، متعلّقا بنفس ذلك المتيقّن مجرّدا عن ذلك التقييد ظاهرا في تحقّق أصل العدالة في زمان الشك ، فينطبق على الاستصحاب ، فافهم.
______________________________________________________
على هذا اليقين المتعلّق بما تعلّق به الشكّ ، وليس هنا فردان من الشكّ يتعلّق أحدهما بحدوث المتيقّن السابق والآخر ببقائه. نعم ، عموم اليقين والشكّ إنّما هو باعتبار الامور الخارجة ، كعدالة زيد وفسق عمرو ، لا باعتبار تعدّد لحاظهما ، بأن يلاحظ تارة تعلّق اليقين بشيء والشكّ بحدوثه ، واخرى تعلّقه به والشكّ ببقائه.
وقد تحقّق من جميع ما ذكرناه أنّ الرواية بحسب ظاهرها إنّما تفيد قاعدة كلّية في باب الاعتقادات ، من حملها على الصحّة عند الشكّ في مطابقتها للواقع ، كما حكي عن بعضهم حيث قسّم أصالة الصحّة إلى أقسام أربعة : أصالة الصحّة في الاعتقادات ، وفي الأفعال ، وفي الأقوال ، وفي جميع الموجودات. وهي في الأخير أعمّ من سوابقه ، وهو واضح.
٢١٤١. يؤيّده قوّة احتمال ورود التعبير بلفظ «كان» والعطف بالفاء مورد الغالب ، إذ الغالب في مورد الاستصحاب أيضا تقدّم زمان اليقين على زمان الشكّ.
ثمّ إنّ حاصل ما ذكره بيان الفرق بين ما كان الزمان الماضي قيدا للمتيقّن ، مثل قولنا : عدالة زيد في يوم الجمعة إذا كانت متيقّنة كان كذا ، وبين ما كان قيدا لنفس اليقين ، مثل قولنا : إذا تيقّنت يوم الجمعة بعدالة زيد كان كذا. وأنّ الرواية إن كانت من قبيل الأوّل ، بأن كان متعلّق اليقين فيها مقيدا بالزمان الماضي ، كان حاصلها : من تيقّن بشيء حاصل في الزمان الماضي ، فشكّ في وجود هذا