ثمّ لو سلّم (٢١٤٢) أنّ هذه القاعدة بإطلاقها مخالفة للإجماع ، أمكن
______________________________________________________
الشيء الكائن في الزمان الماضي ، فليمض على يقينه. فتكون حينئذ صريحة في اختلاف زمان اليقين والشكّ مع اتّحاد زمان متعلّقهما ، وهو ليس بمورد للاستصحاب كما تقدّم سابقا. وإن كانت من قبيل الثاني ، بأن كان متعلّق اليقين فيها مجرّدا عن الزمان الماضي ، وكان الزمان ظرفا لنفس اليقين ، كان حاصلها : من تيقّن في الماضي بشيء فشكّ فيه. ولا شكّ أنّ الشكّ في هذا الشيء حينئذ أعمّ من أن يتعلّق بتحقّقه ، فيرجع إلى المعنى الأوّل ، ومن أن يتعلّق ببقائه مع العلم بوجوده في السابق ، إذ مع تجريد متعلّق اليقين عن الزمان الماضي يصحّ تعلّق الشكّ ببقائه. والرواية مع تجريد متعلّق اليقين عن الزمان الماضي ظاهرة ـ ولو بملاحظة نظائرها ـ في تعلّق الشكّ بالبقاء ، فتنطبق على قاعدة الاستصحاب.
٢١٤٢. فيه نظر. وتوضيحه : أنّ الشكّ في المتيقّن السابق إمّا من جهة تبيّن فساد مدرك الاعتقاد السابق ، إذ تبيّن فساد المدرك لا يستلزم تبيّن فساد المدرك ، أو من جهة اخرى كنسيان المدرك. وعلى الأوّل إمّا أن يعمل في زمان اليقين على طبق اعتقاده ، كالاقتداء بمن اعتقد عدالته أو العمل بفتواه أو شهادته أو نحو ذلك ، أو لا. وحينئذ إن اريد بتأسيس هذا الأصل إثبات وجوب البناء على صحّة الاعتقاد السابق ، وإمضاء ما عمل به في زمان الاعتقاد ، وترتيب آثار المعتقد في زمان الشكّ ، فهو خلاف الإجماع ، لإجماعهم على عدم الاعتداد بالاعتقاد السابق في زمان الشكّ مع تبيّن فساد مدرك اعتقاده.
وإن اريد به البناء عليها مع تخصيص ما أخرجه الدليل ، بأن يقيّد إطلاق هذا الأصل بأحد الوجهين الذين أشار إليهما المصنّف رحمهالله فهو موجب لتخصيص الأكثر ، إذ الغالب تبيّن فساد مدرك الاعتقاد عند زواله ، فإخراج مورد الإجماع موجب للمحذور المذكور. بل يمكن دعوى مخالفة هذه القاعدة للإجماع من رأس ، ومخالفة كاشف الغطاء غير قادحة فيها كما لا يخفى.