بشرط حصول الظنّ الشخصي منه ـ حتّى أنّه في المورد الواحد يختلف الحكم باختلاف الأشخاص والأزمان وغيرها ـ لم يقل به أحد فيما أعلم ، عدا ما يظهر من شيخنا البهائي قدسسره في عبارته المتقدّمة ، وما ذكره قدسسره مخالف للإجماع ظاهرا ، لأنّ بناء العلماء في العمل بالاستصحاب في الأحكام الجزئيّة والكلّية والموضوعات خصوصا العدميّات على عدم مراعاة الظنّ الفعلي.
ثمّ إنّ ظاهر كلام العضدي ـ حيث أخذ في إفادته الظنّ بالبقاء عدم الظنّ بالارتفاع ـ أنّ الاستصحاب أمارة حيث لا أمارة ، وليس في الأمارات ما يكون كذلك. نعم ، لا يبعد أن يكون الغلبة كذلك. وكيف كان ، فقد عرفت منع إفادة مجرّد اليقين بوجود الشيء للظنّ ببقائه. وقد استظهر بعض تبعا لبعض ـ بعد الاعتراف بذلك ـ أنّ المنشأ في حصول الظنّ غلبة البقاء في الامور القارّة.
قال السيّد الشارح للوافية ـ بعد دعوى رجحان البقاء ـ : إنّ الرجحان لا بدّ له من موجب ؛ لأنّ وجود كلّ معلول يدلّ على وجود علّة له إجمالا ، وليست هي اليقين المتقدّم بنفسه ؛ لأنّ ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم ، ويشبه أن يكون هي كون الأغلب في أفراد الممكن القارّ أن يستمرّ وجوده بعد التحقّق ، فيكون رجحان وجود هذا الممكن الخاصّ للإلحاق بالأعم الأغلب. هذا إذا لم يكن رجحان الدوام مؤيّدا بعادة أو أمارة ، وإلّا فيقوى بهما. وقس على الوجود حال العدم إذا
______________________________________________________
وثانيا : أنّ دليل الانسداد على تقدير تسليم مقدّماته إنّما يفيد الظنّ بنفس الأحكام الكلّية دون الموضوعات الخارجة ، لانفتاح باب العلم فيها ولو شرعا ، لكون أغلبها معلومة بالأمارات الشرعيّة من اليد والسوق والبيّنة ونحوها ، بل لا تبعد دعوى الإجماع على عدم اعتبار مطلق الظنّ فيها ، والمقصود إثبات اعتبار الاستصحاب مطلقا.
وثالثا : أنّ الظنّ الحاصل من الغلبة ـ سيّما في الموضوعات ـ من الظنون الموهومة الاعتبار. ودليل الانسداد ـ على تقدير تسليم مقدّماته ، كما قرّر في محلّه ـ إنّما يفيد اعتبار الظنون المشكوكة الاعتبار ، دون الموهومة منها.