كان يقينيّا. انتهى كلامه ، رفع مقامه. وفيه : أنّ المراد بغلبة البقاء (٢١٨٨) ليس غلبة البقاء أبد الآباد ، بل المراد البقاء على مقدار خاصّ من الزمان ، ولا ريب أنّ ذلك المقدار الخاصّ ليس أمرا مضبوطا في الممكنات ولا في المستصحبات ، والقدر المشترك بين الكلّ أو الأغلب منه معلوم التحقّق في موارد الاستصحاب ، وإنّما الشكّ في الزائد.
______________________________________________________
٢١٨٨. أقول : توضيح المقام يحتاج إلى بيان مقدّمة ، وهي بيان الفرق بين الغلبة والاستقراء والقياس ، إذ ربّ مورد يشتبه بعضها ببعض ، فيشتبه القياس بأحد الأوّلين ، فيظنّ العامل بهما أنّه ليس بقياس ، مع كونه منه في الحقيقة ، فلا بدّ من تعميق النّظر وإعمال الفكر في جزئيّات الموارد ، لئلّا يختلط ما يجوز العمل به بما لا يجوز.
فنقول : أمّا الغلبة فهي في اصطلاح القوم عبارة عن مشاركة أغلب أفراد كلّي في صفة أو حكم ، بحيث يظنّ بكون الكلّي الجامع بينها هي العلّة لثبوت تلك الصفة أو الحكم ، فالحاكم بالغلبة لا بدّ له من تحقيق المساواة والمشاركة بين أغلب الأفراد على الوجه المذكور. وثمرتها أنّه إذا شكّ في وجود هذا الحكم أو الصفة في فرد من أفراد هذا الكلّي المتتبّع في أغلب أفراده ، يحكم على هذا الفرد المشكوك فيه بما وجد في أغلب أفراده من الحكم أو الصفة ، لأجل الظنّ بعلّية الجامع بينها.
مثالها من غير الشرعيّات : أنّا إذا رأينا أكثر أفراد الزنج سودا على وجه ظننّا أنّ الزنجيّة لها دخل في ثبوت السواد لها وأنّها العلّة لذلك ، فإذا شككنا في زنجيّ أنّه أسود أو أبيض نحكم بكونه أسود ، إلحاقا له بالأعمّ الأغلب ، وتسوية بينه وبين الأفراد المستقرأ فيها في تلك الصفة ، التي فرض الظنّ بكون علّة ثبوتها عند العقل هو القدر الجامع الموجود بينها ، فيحكم لأجل وجود القدر الجامع فيه بوجود الصفة فيه أيضا ، لدوران المعلول مع علّته التامّة وجودا وعدما.
ومثالها من الشرعيّات : قول من استدلّ على أنّ الوتر ليس بواجب بأنّه يؤدّى على الراحلة ، ولا شيء من الواجب يؤدّى على الراحلة. والمقدّمة الاولى