.................................................................................................
______________________________________________________
كانت هي أفراد معدودة ويستكشف بها عن حال الكلّي ، كما إذا دخلنا في بلد ورأينا واحدا من أهله يتكلّم بلسان مخصوص على لباس مخصوص وهيئة مخصوصة ، ثمّ رأينا الآخر كذلك ، وكذلك الثالث والرابع إلى خمسين مثلا ، فإنّه يظنّ من ملاحظة هذه الأفراد بكون الانتساب إلى هذا البلد مقتضيا لهذه الصفة ، فنحكم بكون من لم نره منهم على هذه الصفة حكما ظنّيا. وهذا ليس من باب الغلبة ، لما عرفت من كونها عبارة عن الحكم للجامع الكلّي بحكم أو صفة بواسطة كون أغلب أفراد الكلّي مشتركا في هذا الحكم أو الصفة ، بل هو داخل في الاستقراء ، لكونه أعمّ من الغلبة.
نعم ، يمكن إدخاله تحت الغلبة ، بدعوى حصول الظنّ من ملاحظة بعض الأفراد بكون أغلب الأفراد أيضا متّصفا بالصفة الّتي وجد عليها البعض ، ومن حصول الظنّ بكون الأغلب كذلك يحصل الظنّ بثبوت هذا الحكم أو الوصف الكلّي الجامع. لكنّه تعسّف مستغنى عنه ، لحصول الظنّ بمجرّد ملاحظة بعض الأفراد بثبوت الحكم أو الوصف للكلّي الجامع ، من دون حاجة إلى توسيط الظنّ بكون أغلب الأفراد مثل البعض الذي وجدناه على الصفة المذكورة. فالاستقراء أعمّ من الغلبة مطلقا ، وكلاهما مشتركان في الحكم على الكلّي بالجزئي.
وأمّا القياس فهو عبارة عن إثبات حكم جزئيّ لجزئيّ آخر بسبب مشاركته إيّاه في علّة حكمه. وقد يقال له التشبيه والتمثيل والمناسبة ، لمشابهة الفرع بالأصل ومماثلته إيّاه ، ومناسبة ثبوت هذا الحكم له في نظر القائس. وذلك كالنبيذ يقاس على الخمر فيقال : إنّه خمر في كونه مسكرا ، فهو حرام ، لوجود علّة حرمة الخمر ـ التي هي الإسكار ـ فيه ، ومشاركته لها في تلك العلّة. وكالذرة فيقال : إنّها ربويّة ، لكونها كالبرّ في كونها مكيلة وقوتا.
وبالجملة ، القياس هو الحكم من جزئيّ على جزئيّ ، من دون توسّط الجامع الكلّي ، وإثبات الحكم له أوّلا ، ثمّ إثباته للفرد المشكوك فيه بواسطته. فلا يقال : البرّ