.................................................................................................
______________________________________________________
طعام ، وكلّ طعام ربوي ، فالذّرة أيضا طعام ، فلا بدّ أن تكون ربويّة. وليس [المراد](*) إثبات الربويّة في كلّ الطعام لينتقل منه إلى حكم الذّرة ، بل المراد إثبات الرّبويّة فيها لوجود علّة ربويّة البرّ فيها ، وهي كونه مكيلا مثلا في نظر القائس ، وإن ثبت عدم الرّبويّة في جملة من أفراد المكيل بدليل آخر ، ولا يلزم على هذا ملاحظة أكثر الأفراد فيه.
فالفرق بينه وبين الغلبة والاستقراء : هو كون الانتقال فيهما إلى حكم الكلّي من ملاحظة جزئيّاته أوّلا ثمّ الحكم للفرد المشكوك فيه ، بخلاف القياس ، لأنّ الحكم فيه إنّما هو لجزئيّ بملاحظة جزئيّ آخر معلوم الحكم بمجرّد كونهما متّحدين في العلّة ، مع أنّ العلّة الجامعة بينهما يجوز أن تكون أمرا اعتباريّا جعليّا ، بخلاف الغلبة والاستقراء ، لأنّ الجامع المظنون العلّية فيهما لا بدّ أن يكون واقعيّا ، إذ لا بدّ فيهما من حصول التتبّع والاستقراء في جزئيّات الكلّي الواقعيّ ، كأفراد الحبش على ما تقدّم.
فمن هنا يظهر أنّه لو لم يكن في الأفراد المستقرأ فيها جامع حقيقي يظنّ كونه علّة للحكم ، بأن كان الجامع أمرا اعتباريّا جعليّا وإن حصل الظنّ منه بكونه علّة لثبوت الحكم ، كان ذلك قياسا محضا لا حكما بالغلبة والاستقراء. وقد وقع الاشتباه في ذلك لجماعة في جملة من المقامات ، كما استدلّ بعض على فوريّة الأمر بأنّ أغلب الألفاظ الواقعة في مقام الإنشاء أو الإخبار ـ كبعت واشتريت وغيرهما من ألفاظ العقود والإيقاعات ، وكجملة زيد ضارب وعمرو مضروب ويضرب زيد ، ونحوها من الجمل الخبريّة ـ مفيدة للحال ، فتلحق صيغة «افعل» بها أيضا ، إلحاقا بالأعمّ الأغلب. وأجاب عنه صاحب المعالم «بكون ذلك قياسا في اللغة ، لأنّك قست الأمر في إفادته الفور على غيره من الخبر والإنشاء ، وبطلانه
__________________
(*) سقط ما بين المعقوفتين من الطبعة الحجريّة ، وإنّما أثبتناه ليستقيم المعنى.