.................................................................................................
______________________________________________________
المستصحبات المشكوكة من حيث البقاء والانتفاء ليس بنادر أيضا ، بل هو كثير في نفسه ، فيدور الأمر حينئذ بين الغالب والأغلب ، ولا ريب في عدم اعتبار مثل هذه الغلبة ، إذ المعتبر فيها ندرة المفرد المخالف للأفراد الغالبة إن وجد بحيث يضمحلّ في جنبها ، ولذا مثّلوا لها بالزنجي الذي إن وجد له فرد أبيض كان في غاية الندرة.
وثانيهما : أنّ الإجماع قائم على اعتبار الاستصحاب في أغلب موارده ، كما في باب الطهارة والنجاسة والأنكحة والأملاك وغيرها عند الشكّ في عروض ما يزيلها ، وكذا بناء الشاهد على ما شهد به متى ما لم يعلم رافعها ، وكذلك تقديم قول المنكر على المدّعي ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى ، والظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب.
ويرد عليه أوّلا : أنّه يعتبر في الغلبة إلحاق المشكوك فيه بالأفراد المستقرأ فيها بحسب جنسها أو نوعها أو صنفها ، بمعنى أنّ الاستقراء إذا فرض في أفراد جنس أو نوع أو صنف فلا بدّ من إلحاق المشكوك فيه بما وقع عليه الاستقراء ، فإذا استقرأنا أفراد صنف لا يصحّ إلحاق المشكوك فيه بأفراد صنف آخر وما نحن فيه من هذا القبيل ، لكون الأفراد المستقرأ فيها هنا من قبيل الشبهات الموضوعيّة دون الأحكام الكلّية ، بل لم نجد موردا من الأحكام الكلّية وقع الإجماع على اعتبار الاستصحاب فيه ، سوى أصالة عدم النسخ الذي لا يتعيّن كونه لأجل استصحاب العدم ، كما تقدّم عند شرح ما يتعلّق ببيان محلّ النزاع من حيث دخول الاستصحابات العدميّة فيه وعدمه.
وثانيا : منع تحقّق الغلبة حتّى في الشبهات الموضوعيّة ، إذ الموارد التي لم يعتبر الشارع الاستصحاب فيها ليست بأقلّ من الموارد التي اعتبره فيها. وإن شئت فلاحظ حكمه بالبناء على الأكثر في شكوك الصلاة ، والبناء على الصحّة عند الشكّ في وقوع الفعل على وجه الصحّة أو الفساد ، والبناء على وقوع العمل المشكوك فيه عند الشكّ بعد الفراغ منه. وكذا قد اعتبر يد المسلم وسوقه والبيّنة ،