.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا القسم معتبر عند الأصحاب. ويدلّ عليه قبل إجماعهم قوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ). ولكن القدر المسلّم من معقد إجماعهم اعتبار أصالة الحقيقة مطلقا ، سواء كانت حقيقة أوّليّة ، كظهور الألفاظ في معانيها الحقيقيّة عند عدم القرينة على خلافها ، أم ثانويّة كظهورها في معانيها المجازيّة مع القرينة الصارفة ، لأنّ لها أوضاعا نوعيّة. فاحتمال وجود القرينة في الأوّل ، واحتمال وجود قرينة اخرى مخالفة للقرينة الموجودة ، مدفوع ببنائهم على خلافه ، ولا اعتداد ببنائهم في غير مقام تعيين المرادات. نعم ، قد ثبت إجماعهم على أصالة عدم الاشتراك والنقل عند احتمالهما ، ولكن لا دخل لذلك ببناء العرف ، فمورد هذا الدليل مختصّ بظواهر الألفاظ.
والثاني يسمّى بالسيرة ، مثل استقرار طريقتهم على بيع المعاطاة ، لأنّ بنائهم على ذلك من جهة تديّنهم بدين لا من جهة فهمهم أو عقلهم. والدليل على اعتباره كشف هذا البناء من مذهب رئيسهم كما ذكروه في الإجماع ، لأنّ كلّ من دخل في قوم تديّنوا بدين ، ووجد استمرار طريقتهم على حكم ، علم أنّ ذلك مذهب صاحب هذا الدين والشرع ، وقد وصل منه إليهم ، ولا يختصّ ذلك بدين دون آخر.
نعم ، يشترط في اعتباره شروط التقرير ، من استمرار طريقتهم إلى زمان صاحب الشرع ، واطّلاعه عليه بطريق متعارف لا بعلم النبوّة والإمامة ، وعدم ردعه عن ذلك بعد الاطّلاع كذلك ، وتمكّنه منه ، وعدم خوفه من الردع. ولا بدّ من إحراز هذه الشروط على سبيل العلم. فلو قام دليل معتبر ـ ولو كان ظنّيا ـ على خلاف ما استقرّت عليه طريقتهم ، لم تعتبر هذه السيرة لكفاية ذلك في ردع صاحب الشرع ، بل الشكّ في عدم ردعه كاف في عدم اعتبارها. نعم ، لو كان هنا دليل معتبر على خلاف ما بنوا عليه واطّلعوا عليه ولم يعلموا به ، فالظّاهر عدم قدح مثل هذا الدليل في اعتبارها ، لأنّ عدم عملهم به بعد الظفر به يكشف عن