المشترك من لوازم كون الحادث ذلك الأمر المقطوع الارتفاع ، لا من لوازم عدم حدوث الأمر الآخر. نعم ، اللازم من عدم حدوثه هو عدم وجود ما (*) في ضمنه من القدر المشترك في الزمان الثاني ، لا ارتفاع القدر المشترك بين الأمرين ، وبينهما فرق واضح ، ولذا ذكرنا أنّه تترتّب عليه أحكام عدم وجود الجنابة في المثال المتقدّم.
ويظهر من المحقّق القميّ رحمهالله في القوانين ـ مع قوله بحجّية الاستصحاب على الإطلاق ـ عدم جواز إجراء الاستصحاب في هذا القسم ، ولم أتحقّق وجهه. قال : إنّ الاستصحاب يتبع الموضوع وحكمه في مقدار قابليّة الامتداد وملاحظة الغلبة فيه ، فلا بدّ من التأمّل في أنّه كلّيّ أو جزئيّ ، فقد يكون الموضوع الثابت حكمه أوّلا مفهوما كليّا مرددا بين امور ، وقد يكون جزئيّا حقيقيّا معيّنا ، وبذلك يتفاوت الحال ؛ إذ قد يختلف أفراد الكليّ في قابلية الامتداد ومقداره ، فالاستصحاب حينئذ ينصرف إلى أقلّها استعدادا للامتداد.
ثمّ ذكر حكاية تمسّك بعض أهل الكتاب لإثبات نبوّة نبيّه بالاستصحاب ، وردّ بعض معاصريه له بما لم يرتضه الكتابي ، ثم ردّه بما ادّعى ابتناءه على ما ذكره من ملاحظة مقدار القابليّة. ثمّ أوضح ذلك بمثال ، وهو : أنّا إذا علمنا أنّ في الدار حيوانا ، لكن لا نعلم أنّه أيّ نوع هو من الطيور أو البهائم أو الحشار أو الديدان؟ ثمّ غبنا عن ذلك مدّة ، فلا يمكن لنا الحكم ببقائه في مدّة يعيش فيها أطول الحيوان عمرا ، فإذا احتمل كون الحيوان الخاص في البيت عصفورا أو فأرة أو دودة قزّ ، فكيف يحكم بسبب العلم بالقدر المشترك باستصحابها إلى حصول زمان ظنّ بقاء أطول الحيوانات عمرا؟! قال : وبذلك بطل تمسّك الكتابي (١) ، انتهى.
______________________________________________________
المشترك قائم باحتمالين ، أحدهما : احتمال بقائه ، والآخر : احتمال ارتفاعه. والأوّل مسبّب عن احتمال كون الحادث هو الأكثر بقاء. والثاني عن احتمال كون
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : هو.