(وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ) ، غير سائغة تأخذ بالحلق لا ينزل ولا يخرج وهو الزقوم والضريع. (وَعَذاباً أَلِيماً).
(يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) ، أي تتزلزل وتتحرك ، (وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) ، رملا سائلا. قال الكلبي : هو الرمل الذي [إذا](١) أخذت منه شيئا تبعك ما بعده ، يقال : أهلت الرمل أهيله هيلا إذا حركت أسفله حتى انهال من أعلاه.
(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) (١٥).
(فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) (١٦) ، شديدا ثقيلا ، يعني عاقبناه عقوبة غليظة يخوف كفار مكة.
(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ) ، أي كيف لكم بالتقوى يوم القيامة إذ كفرتم في الدنيا يعني لا سبيل لكم إلى التقوى إذا وافيتم يوم القيامة؟ وقيل : معناه كيف تتقون العذاب يوم القيامة وبأي شيء تتحصنون منه إذا كفرتم؟ (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) ، شمطا من هوله وشدته ، وذلك حين يقال لآدم قم فابعث بعث النار من ذريتك.
ثم وصف هول ذلك اليوم فقال : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) ، متشقق لنزول الملائكة به أي بذلك المكان. وقيل : الهاء ترجع إلى الرب أي بأمره وهيبته ، (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) ، كائنا.
(إِنَّ هذِهِ) ، أي آيات القرآن (تَذْكِرَةٌ) ، تذكير وموعظة (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) ، بالإيمان والطاعة.
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠))
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى) ، أقل من ، (ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) ، قرأ أهل مكة والكوفة (وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) ، بنصب الفاء والثاء وإشباع الهاءين ضما ، أي وتقوم نصفه وثلثه وقرأ الآخرون بجر الفاء والثاء وإشباع الهاءين كسرا عطفا على ثلثي ، (وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) يعني المؤمنين وكانوا يقومون معه ، (وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) ، قال عطاء : لا يفوته علم ما تفعلون ، أي أنه يعلم مقادير الليل والنهار فيعلم القدر الذي تقومون من الليل ، (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) ، قال الحسن : قاموا حتى انتفخت أقدامهم ، فنزل : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) [أي](٢) ، لن تطيقوه. وقال مقاتل : كان الرجل يصلي الليل كله ، مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام ، فقال (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) لن تطيقوا معرفة ذلك. (فَتابَ عَلَيْكُمْ) ، فعاد عليكم بالعفو والتخفيف ، (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) ، يعني في الصلاة ، قال الحسن : يعني في صلاة المغرب والعشاء. قال قيس بن أبي حازم : صليت خلف ابن عباس بالبصرة فقرأ في أول ركعة بالحمد وأول آية من البقرة ، ثم قام في الثانية فقرأ بالحمد والآية الثانية من البقرة ، ثم ركع ، فلما انصرف أقبل علينا بوجهه (٣) فقال : إن الله
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيد في المطبوع «بوجهه».