(سَنُقْرِئُكَ) ، سنعلمك بقراءة جبريل عليك ، (فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) ، أن تنساه وما نسخ الله تلاوته من القرآن ، كما قال : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [البقرة : ١٠٦] ، والإنساء نوع من النسخ.
[٢٣٣١] وقال مجاهد والكلبي : كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا نزل عليه جبريل لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأولها مخافة أن ينساها ، فأنزل الله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٦) ، فلم ينس بعد ذلك شيئا.
(إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ) ، من القول والفعل ، (وَما يَخْفى) ، منهما ، والمعنى : أنه يعلم السر والعلانية.
(وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) (٨) ، قال مقاتل : نهون عليك عمل الجنة ، وهو معنى قول ابن عباس : نيسرك لأن تعمل خيرا ، واليسرى عمل الخير. وقيل : نوفقك للشريعة اليسرى وهي الحنيفية السمحة. وقيل : هو متصل بالكلام الأول معناه : أنه يعلم الجهر مما تقرأه على جبريل إذا فرغ من التلاوة ، (وما يخفى) ما تقرأه (١) في نفسك مخافة النسيان ، ثم وعده فقال : (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) (٨) ، أي نهون عليك الوحي حتى تحفظه وتعلمه.
(فَذَكِّرْ) ، عظ بالقرآن ، (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) ، الموعظة والتذكير ، والمعنى : نفعت أو لم تنفع ، ولم يذكر الحالة الثانية ، كقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] ، وأراد الحر والبرد جميعا.
(سَيَذَّكَّرُ) ، سيتعظ ، (مَنْ يَخْشى) ، الله عزوجل.
(وَيَتَجَنَّبُهَا) ، أي يتجنب الذكرى ويتباعد عنها ، (الْأَشْقَى) ، الشقي في علم الله.
(الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) (١٢) ، العظيمة والفظيعة لأنها أعظم وأشد حرا من نار الدنيا.
(ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها) ، فيستريح ، (وَلا يَحْيى) ، حياة تنفعه.
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (١٤) ، تطهر من الشرك وقال : لا إله إلا الله ، هذا قول عطاء وعكرمة ، ورواية الوالبي وسعيد بن جبير عن ابن عباس. وقال الحسن : من كان عمله زاكيا. وقال آخرون : هو صدقة الفطر روي عن أبي سعيد الخدري في قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (١٤) قال : أعطى صدقة الفطر.
(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٨) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (١٩))
(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (١٥) ، قال خرج إلى العيد فصلى صلاته ، وكان ابن مسعود يقول : رحم الله امرأ تصدق ثم صلى ، ثم يقرأ هذه الآية.
وقال نافع : كان ابن عمر إذا صلى الغداة يعني من يوم العيد قال : يا نافع خرجت الصدقة فإن قلت نعم مضى إلى المصلى ، وإن قلت لا قال فالآن فأخرج فإنما نزلت هذه الآية في هذا (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (١٥) ، وهو قول أبي العالية وابن سيرين.
__________________
[٢٣٣١] ـ واه بمرة ، ذكره المصنف هاهنا عن مجاهد والكلبي معلقا ، وسنده إليهما في أول الكتاب ، أما مجاهد فتفسيره عند المصنف من رواية مسلم بن خالد الزنجي ، وهو ضعيف ، وأما الكلبي ، فهو كذاب ، لا يشتغل بحديثه.
ـ والذي صح في ذلك ما تقدم في سورة القيامة.
(١) في المطبوع «تقرأ».