ألم أجدك ضالا فهديتك؟ قلت : بلى أي ربّ ، قال : ألم أجدك عائلا فأغنيتك؟ قلت : بلى أي رب».
وزاد غيره عن حماد قال : «ألم أشرح لك صدرك ووضعت عنك وزرك؟ قلت : بلى أي رب» (١).
ومعنى الآية : ألم يجدك يتيما صغيرا فقيرا حين مات أبواك ولم يخلفا لك مالا ولا مأوى ، فجعل لك مأوى تأوي إليه ، وضمك إلى عمك أبي طالب حتى أحسن تربيتك وكفاك المئونة.
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (٧) ، يعني ضالا عما أنت عليه فهداك للتوحيد والنبوة : قال الحسن والضحاك وابن كيسان : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلا عنها ، فهداك إليها ، كما قال : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) [يوسف : ٣] وقال : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) [الشورى : ٥٢] ، وقيل : ضالا في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب.
[٢٣٥٥] روى أبو الضحى عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ضل في شعاب مكة وهو صبي صغير ، فرآه أبو جهل منصرفا من أغنامه فرده إلى عبد المطلب.
[٢٣٥٦] وقال سعيد بن المسيب : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة فبينما هو راكب ذات ليلة ظلماء [على](٢) ناقة إذ جاء إبليس فأخذ بزمام الناقة فعدل به عن الطريق ، فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الحبشة ، ورده إلى القافلة فمن الله عليه بذلك.
وقيل : وجدك ضالا نفسك لا تدري من أنت ، فعرّفك نفسك وحالك.
(وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) (٨) ، أي فقيرا فأغناك بمال خديجة ثم بالغنائم ، وقال مقاتل : فرضّاك بما أعطاك من الرزق. واختاره الفراء. وقال : لم يكن غنيا عن كثرة المال ولكن الله رضاه بما آتاه وذلك حقيقة الغنى.
[٢٣٥٧] أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد محمش الزيادي أبا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه أنه قال أنا أبو
__________________
(١) هذه الرواية عند الواحدي برقم ٨٦٢ من طريق عبد الله بن عبد الله الحجبي عن حماد بن زيد به.
[٢٣٥٥] ـ باطل. ذكره المصنف هكذا عن أبي الضحى بدون إسناد ، وأبو الضحى ثقة ، فلو روى له الأئمة الستة ، فلو كان هذا الخبر عنده ، لرواه الأئمة في كتبهم ، وكل ذلك لم يكن ، وليس للمصنف إسناد في أول الكتاب من طريق أبي الضحى عن ابن عباس.
ـ وقد ذكر ابن كثير ٤ / ٦٢٣ هذا الخبر ، وعزاه للبغوي ، فهذا دليل على أن ابن كثير لم يجد له أصلا.
ـ وانظر ما بعده.
[٢٣٥٦] ـ لم أقف على إسناده ، وهو باطل كسابقه ، وعزاه أيضا ابن كثير ٤ / ٦٢٣ للبغوي ، وهذا وما قبله من بدع التأويل.
ـ والصواب في تأويل الآية ، هو كونه عليهالسلام ضالا عن أحكام شريعة الإسلام حيث نزل القرآن ، وأوحى الله إليه السنة ، والله أعلم.
[٢٣٥٧] ـ إسناده صحيح ، أحمد السلمي ثقة روى له مسلم ، وقد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٩٣٥ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أحمد ٢ / ٣١٥ من طريق عبد الرزاق به.
ـ وأخرجه البخاري ٦٤٤٦ ومسلم ١٠٥١ والترمذي ٢٣٧٣ وابن ماجه ٤١٣٧ وأحمد ٢ / ٢٤٣ و ٩٨٩ و ٣٩٠ و ٤٤٣ وابن حبان ٦٧٩ وأبو نعيم في «الحلية» ٤ / ٩٩ والقضاعي ١٢١٠ و ١٢١١ من طرق عن أبي هريرة به.
(٢) زيادة عن المخطوط.