ذكر الآية الخامسة :
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) قد توهم قوم لم يرزقوا فهم التفسير وفقهه أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [البقرة : ٢٢٠] وأثبتوا ذلك في كتب الناسخ والمنسوخ ، ورووه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وإنما المنقول عن ابن عباس.
[١٠٧] (١) ـ ما أخبرنا به المبارك بن علي ، قال : ابنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال : ابنا أبو إسحاق البرمكي ، قال : ابنا محمد بن إسماعيل بن العباس ، قال : بنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : ابنا عمرو بن علي بن بحر قال : ابنا عمران بن عيينة ، قال : ابنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) قال : كان يكون في حجر الرجل اليتيم فيعزل طعامه وشرابه ، فاشتد ذلك على المسلمين ، فأنزل الله تعالى: (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) ، فأحل لهم طعامهم.
وقال سعيد بن جبير : لما نزلت (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) عزلوا أموالهم من أموال اليتامى ، وتحرجوا من مخالطتهم فنزل قوله تعالى : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ). وهذا ليس على سبيل النسخ ؛ لأنه لا خلاف أن أكل أموال اليتامى ظلما حرام.
وقال أبو جعفر النحاس : هذه الآية لا يجوز فيها ناسخ ولا منسوخ ، لأنها خبر ووعيد ، ونهي عن الظلم والتعدي ، ومحال نسخ هذا ، فإن صح ما ذكروا عن ابن عباس فتأويله من اللغة : أن هذه الآية على نسخ تلك الآية.
وزعم بعضهم أن ناسخ هذه الآية قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) وهذا قبيح ، لأن الأكل بالمعروف ليس بظلم فلا تنافي بين الآيتين.
ذكر الآية السادسة والسابعة :
قوله تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) وقوله : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) [النساء : ١٥ ، ١٦] الآيتان.
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٣ / ٨٧٨ / ٤٨٧٩) وأحمد (١ / ٣٢٥) وأبو داود (٢٨٧١) والنسائي (٦ / ٢٥٦) والحاكم (٢ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ، ٣٠٣ ، ٣١٨) والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٧٢).
من طرق ؛ عن عطاء بن السائب به.
وعطاء بن السائب كان قد اختلط ، لكن رواه غير واحد عنه ، ثم إن له شواهد يصحّ بها.
والأثر حسّنه المحدث الألباني في «صحيح سنن أبي داود» رقم (٢٤٩٥).