أما الآية الأولى ؛ فإنها دلّت على أن حدّ الزانية كان أول الإسلام الحبس إلى أن تموت أو يجعل الله لها سبيلا ، وهو عام في البكر والثيب. والآية الثانية ؛ اقتضت أن حدّ الزانيين الأذى. فظهر من الآيتين أن حدّ المرأة كان الحبس والأذى جميعا ، وحدّ الرجل كان الأذى فقط ، لأن الحبس ورد خاصا في النساء ، والأذى ورد عاما في الرجل والمرأة ، وإنما خصّ النساء في الآية الأولى بالذكر ، لأنهن ينفردن بالحبس دون الرجال ، وجمع بينهما في الآية الثانية ، لأنهما يشتركان في الأذى ، ولا يختلف العلماء في نسخ هذين الحكمين عن الزانيين ؛ أعني الحبس والأذى ، وإنما اختلفوا بما ذا نسخا؟ فقال قوم : نسخا بقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢].
[١٠٨] (١) ـ أخبرنا المبارك بن علي ، قال : ابنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال : ابنا أبو إسحاق البرمكي ، قال : ابنا محمد بن إسماعيل بن العباس ، قال : ابنا أبو بكر بن أبي داود قال : ابنا يعقوب بن سفيان ، قال : ابنا أبو صالح قال : حدّثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) قال : كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت ، وكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير ، والضرب بالنعال ، فنزلت : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) وإن كانا محصنين رجما بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
[١٠٩] ـ أخبرنا عبد الوهاب الحافظ ، قال : ابنا أبو طاهر الباقلاوي ، قال : ابنا أبو علي بن شاذان ، قال : ابنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال : ابنا إبراهيم بن الحسين ، قال : ابنا آدم ، قال : ابنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (فَآذُوهُما) يعني سبا ، ثم نسختها (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ).
[١١٠] ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله ، قال : ابنا ابن بشران ، قال : ابنا إسحاق بن أحمد ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدّثني أبي ، قال : ابنا عبد الرزاق ، قال : ابنا معمر ، عن قتادة ، (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) [النساء : ١٥] قال : نسختها الحدود.
قال أحمد : وبنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٣ / ٨٩٥ ـ ٨٩٦ / ٤٩٨٨) والطبري (٨ / ٧٤ / ٨٧٩٧ و ٨ / ٨٥ / ٨٨٢٢) وأبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٢٣٩) والبيهقي في «سننه» (٨ / ٢١١) والنحاس في «ناسخه» (ص ٩٤). من طرق ؛ عن أبي صالح به.