قال أحمد : وبنا روح ، قال : بنا حبيب بن الشهيد ، عن الحسن : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) قال : نزلت في أهل بدر.
قال أحمد : وبنا روح ، قال : بنا شعبة ، عن الحسن ، قال : إنما شدد على أهل بدر.
قال أحمد : وبنا حسين ، قال : بنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عكرمة (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) قال : يوم بدر.
قلت : لفظ الآية عام ، وإن كانت نزلت في قوم بأعيانهم ، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه وغيره أنها عامة. ثم لهؤلاء فيه قولان :
أحدهما : أنها منسوخة بقوله : (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) [الأنفال : ٦٦]. فليس للمؤمنين أن يفروا عن مثليهم.
قال آخرون : هي محكمة ، وهذا هو الصحيح ، لأنها محكمة في النهي عن الفرار ، فيحمل النهي على ما إذا كان العدو أعلى من عدد المسلمين ، وقد ذهب إلى نحو هذا ابن جرير (١).
ذكر الآية الثالثة :
قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) [الأنفال : ٣٣].
[١٥٢] (٢) ـ أخبرنا ابن ناصر ، قال : ابنا ابن أيوب ، قال : ابنا ابن شاذان ، قال : ابنا أبو بكر النجاد ، قال : ابنا أبو داود السجستاني ، قال : بنا أحمد بن محمّد ، قال : بنا علي بن الحسين. عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) نسختها الآية التي بعدها (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) [الأنفال : ٣٤].
وقد روى مثله عن الحسن وعكرمة ، وهذا القول ليس بصحيح ؛ لأن النسخ لا يدخل على الأخبار ، وهذه الآية بينت أن كون الرسول فيهم منع نزول العذاب بهم ، وكون المؤمنين يستغفرون بينهم منع أيضا ، والآية التي تليها بينت استحقاقهم العذاب لصدهم عن سبيل الله ، غير أن كون الرسول والمؤمنين بينهم منع من تعجيل ذلك ، أو عمومه ، فالعجيب من مدّعي النسخ.
__________________
(١) انظر «تفسيره» (١٤ / ٤٢) و «صفوة الراسخ» (ص ١٠٦ ـ ١٠٧) و «الإيضاح» (ص ٢٩٥ ـ ٢٩٧) و «جمال القراء» (٢ / ٧١٢).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٥ / ١٦٩٣ / ٩٠٣٠).