ذكر الآية الرابعة :
قوله تعالى : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل : ١٢٦]. للمفسرين في هذه الآية قولان :
الأول: أنها نزلت قبل براءة ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أن يقاتل من قاتله ، ولا يبدأ بالقتال ، ثم نسخ ذلك وأمر بالجهاد ؛ قاله ابن عباس والضحاك.
[١٨٠] ـ أخبرنا عبد الوهاب ، قال : ابنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو طاهر الباقلاوي ، قالا : ابنا أبو علي بن شاذان ، قال : ابنا أحمد بن كامل ، قال : حدّثني محمّد بن سعد ، قال : حدّثني عمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) فقال : أمر الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يقاتل من قاتله ، ثم نزلت براءة ، فهذا من المنسوخ ، فعلى هذا القول ، يكون المعنى : ولئن صبرتم عن القتال ، ثم نسخ هذا بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
والثاني : أنها محكمة ، وأنها نزلت : فيمن ظلم ظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما نال الظلم منه. قاله الشعبي ، والنخعي وابن سيرين ، والثوري.
[١٨١] ـ أخبرنا عبد الوهاب ، قال : ابنا أبو طاهر ، قال : ابنا ابن شاذان ، قال : ابنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال : ابنا إبراهيم بن الحسين ، قال : بنا آدم قال : بنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) يقول : لا تعتدوا. يعني : محمّدا وأصحابه ، وعلى هذا القول يكون المعنى ولئن صبرتم على المثلة لا عن القتال. وهذا أصح من القول الأول.
ذكر الآية الخامسة :
قوله تعالى : (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) [النحل : ١٢٧].
هذه الآية متعلقة بالتي قبلها فحكمها حكمها ، وقد زعم بعض المفسرين أن الصبر هاهنا منسوخ بآية السيف.