عن الضحاك (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما) نسخ منها بالآية التي في براءة ، (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ١١٣].
قلت : وهذا ليس بنسخ عند الفقهاء ، إنما هو عام دخله التخصيص وإلى نحو ما قلته ذهب ابن جرير الطبري (١).
ذكر الآية الثانية :
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) [الإسراء : ٥٤].
للمفسرين في معنى الوكيل ثلاثة أقوال :
الأول : كفيلا تؤخذ بهم قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
والثاني : حافظا وربا ، قاله الفراء.
والثالث : كفيلا بهدايتهم وقادرا على إصلاح قلوبهم ، ذكره ابن الأنباري. وعلى هذه الآية محكمة ، وقد زعم بعضهم : أنها منسوخة بآية السيف ، وليس بصحيح ، وقد تكلمنا على نظائرها فيما سبق.
ذكر الآية الثالثة :
قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الإسراء : ٣٤].
قد زعم من قل فهمه ، من نقلة التفسير أن هذه الآية لما نزلت امتنع الناس من مخالطة اليتامى فنزلت : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [البقرة : ٢٢٠]. وهذا يدل على جهل قائله بالتفسير ومعاني القرآن ؛ أيراه يجوز قرب مال اليتيم بغير التي هي أحسن حتى يتصور نسخ؟! وإنما المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من المفسرين أنهم كانوا يخلطون طعامهم بطعام اليتامى ، فلما نزلت هذه الآية عزلوا طعامهم عن طعامهم ، وكان يفضل الشيء فيفسد ، فنزل قوله : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [البقرة : ٢٢٠] فأما أن يدّعى نسخ فكلا (٢) ...
ذكر الآية الرابعة :
قوله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) [الإسراء : ١١٠].
روى الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : نسخت هذه الآية بقوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) [الأعراف : ٢٠٥].
__________________
(١) انظر تفسير المصنف «زاد المسير» (٥ / ٢٦) و «الجامع لأحكام القرآن» (١٠ / ٢٤٤) و «الإيضاح» لمكي (ص ٣٣٧).
(٢) انظر «الإيضاح» (ص ٣٣٩) و «صفوة الراسخ» (ص ١١٨).