[٢٠٠] (١) ـ أخبرنا ابن الحصين ، قال : ابنا المذهب ، قال : ابنا أحمد بن جعفر ، قال : بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي ، قال : بنا يحيى ، عن شعبة ، قال : حدثني عبد الملك بن ميسرة ، عن طاوس ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لم يكن بطن في قريش إلا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فيهم قرابة ، فنزلت : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم.
هذا هو الصحيح ، ولا يتوجه على هذا نسخ أصلا.
ذكر الآية السادسة :
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) [الشورى : ٣٩].
اختلفوا في هذه الآية ، فذهب بعض القائلين بأنها في المشركين إلى أنها منسوخة بآية السيف ، وهو مذهب جماعة منهم ابن زيد ، وكأنهم يشيرون إلى أنها أثبتت الانتصار بعد بغي المشركين فلما جاز لنا أن نبدأهم القتال دل على نسخها.
وللقائلين بأنها في المسلمين قولان :
الأول : أنها منسوخة بقوله : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ) [الشورى : ٤٣] فكأنها نبهت على مدح المنتصر ، ثم أعلمنا أن الصبر والغفران أمدح ، فبان وجه النسخ.
والثاني : أنها محكمة لأن الصبر والغفران فضيلة ، والانتصار مباح فعلى هذا تكون محكمة وهو الصحيح (٢).
ذكر الآية السابعة :
قوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠].
زعم بعض من لا فهم له ، أن هذا الكلام منسوخ بقوله : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) [الشورى : ٤٠] وليس هذا بقول من يفهم الناسخ والمنسوخ ، لأن معنى الآية : أن من جازى مسيئا فليجازه بمثل إساءته ، ومن عفا فهو أفضل.
ذكر الآية الثامنة :
قوله تعالى : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) [الشورى : ٤١].
زعم بعض من لا يفهم ، أنها نسخت بقوله : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى : ٤٣].
__________________
(١) أخرجه البخاري (٣٤٩٧ ، ٤٨١٨) وأحمد (١ / ٢٢٩ ، ٢٨٦) والترمذي (٣٢٥١) وابن جرير (٢٥ / ١٥) وغيرهم. من طريق : شعبة به.
(٢) «صفوة الراسخ» (ص ١٣٠ ـ ١٣١).