بقومه ، فنزلت فيه هذه الآيات ، فحملها إليه رجل من قومه فقرأهن عليه فرجع وأسلم ، قاله مجاهد (١).
والثاني : أنها نزلت في عشرة آمنوا ثم ارتدّوا ، ومنهم طعمة ووحوح والحارث بن سويد ، فندم منهم الحارث وعاد إلى الإسلام ، رواه أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما (٢).
والثالث : أنها نزلت في أهل الكتاب آمنوا بالنبي صلىاللهعليهوسلم قبل أن يبعث ، ثم كفروا به. رواه عطية عن ابن عباس ، وبه قال الحسن.
وقوله : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا) [آل عمران : ٨٦] استفهام في معنى الجحد ، أي : لا يهديهم الله ، وفيه طرف من التوبيخ ، كما يقول الرجل لعبده : كيف أحسن إلى من لا يطيعني. أي : لست أفعل ذلك. والمعنى : أنه لا يهدي من عاند بعد أن بان له الصواب.
وهذا محكم لا وجه لدخول النسخ عليه ، وقد زعم قوم منهم السّدّي أن هذه الآيات منسوخات بقوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) [آل عمران : ٨٩].
__________________
(١) أخرجه مسدّد كما في «العجاب» (٢ / ٧١٠) وعبد الرزاق في «مصنفه» (التفسير) (١ / ١٢٥) وابن جرير الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٧٣ / ٧٣٦٣) والواحدي في «أسباب النزول» (ص ١١٤) وابن بشكوال في «الغوامض والمبهمات» (١ / ٣٩٩ / ٣٦٤). من طريق : جعفر بن سليمان ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد به.
وإسناده إلى مجاهد صحيح ، لكنه مرسل. وسيأتي مرفوعا من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، فالخبر صحيح.
(٢) أخرجه النسائي في «المجتبى» (٧ / ١٠٧) وفي «الكبرى» كتاب التفسير (٦ / ٣١١ / ١١٠٦٥) وأحمد (١ / ٢٤٧) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (٢ / ٦٩٩ ـ ٧٠٠ / ٣٧٨٩ ، ٣٧٩٥) وابن جرير الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٧٢ ـ ٥٧٣ / ٧٣٦٠) والحاكم (٢ / ١٤٢ و ٤ / ٣٦٦) وابن حبان في «صحيحه» (١٠ / ٣٢٩ / ٤٤٧٧) والبيهقي في «السنن» (٨ / ١٩٧) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٤ / ٦٤ و ٧ / ٣٧) والواحدي في «أسباب النزول» (ص ١١٤) وابن بشكوال في «الغوامض والمبهمات» (١ / ٣٩٨ / ٣٦٣).
من طرق ؛ عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ أن رجلا من الأنصار ـ هو الحارث بن سويد ـ ارتدّ عن الإسلام ولحق بالمشركين ، فأنزل الله تعالى : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) إلى آخر الآية. فبعث بها قومه ؛ فرجع تائبا ، فقبل النبي صلىاللهعليهوسلم ذلك منه ، وخلّى عنه.
وإسناده صحيح ؛ صحّحه العلامة أحمد شاكر في تحقيقه على «المسند» رقم (٢٢١٨) والعلامة الألباني في «صحيح سنن النسائي» رقم (٣٧٩٢) والعلامة مقبل بن هادي الوادعي ـ عافاه الله ـ في «الصحيح المسند من أسباب النزول» (ص ٥٤).