اقول : ولا يخفى ما فيه ، فانّ المفروض ـ باعتراف الفاضل ـ ان المعلق عليه ليس هو الاتيان بالمقدمة والّا لم يجب الواجب قبل الاتيان ، بل المعلق عليه هو كونه بحيث ياتى بها فى المستقبل ، فالوجوب ثابت قبل الاتيان الّا انّه لا يعلم الّا لمن علم انه يأتى بذلك الفعل وحينئذ فاذا علم الشخص انّه ممّن يأتى بتلك المقدّمة فاللازم العلم حينئذ بتنجّز الواجب عليه وهو مستلزم
__________________
«واعلم انه كما يصحّ ان يكون وجوب الواجب على تقدير حصول امر غير مقدور وقد عرفت بيانه كذلك يصحّ ان يكون وجوبه على تقدير حصول امر مقدور ، فيكون بحيث لا يجب على تقدير عدم حصوله وعلى تقدير حصوله يكون واجبا قبل حصوله وذلك كما توقف الحج المنذور على ركوب الدابة المغصوبة. فالتحقيق ان وجوب الواجب حينئذ ثابت على تقدير حصول تلك المقدمة وليس مشروطة. بحصولها كما سبق الى كثير من الانظار. والفرق ان الوجوب على التقدير الاوّل يثبت قبل حصولها وعلى الثانى انما يثبت بعد تحققها لامتناع المشروط بدون الشرط ، وبعبارة اخرى حصول المقدمة على الاول كاشف عن سبق الوجوب ، وعلى الثانى مثبت له كما مرّ وتظهر الثمرة فى وجوب المقدمات التى يؤتى بها قبلها ، فعلى الاول يجب الاتيان بها على تقدير اتيانه بها لاطلاق الامر حينئذ فيصحّ قصد القربة بها وايقاعها على وجه الوجوب ، بخلاف الوجه الثانى ويظهر ايضا فى ما لو كانت المقدمة المحرمة مما يعتبر حصولها فى اثناء التشاغل بالواجب كالاغتراف من الآنية المغصوبة فى الطهارة الحدثية مع الانحصار وكترك الواجب المتوصل به الى فعل الضد ، فان العبادة تصحّ على الوجه الاول لوجوبها ومطلوبيتها على تقدير حصول تلك المقدّمة وعلى الثانى لا يصحّ لانتفاء الطلب والوجوب قبلها ، والذى يدلّ على المذهب المختار انما دل على عدم وجوب الواجب عند حرمة مقدّمته المتعيّنة هو لزوم التكليف بالمحال الممتنع وقوعه بالعقل والسمع ولا ريب انّه انما يلزم ذلك لو كلف بالواجب مطلقا على تقدير الاتيان بالمقدمة المحرّمة وعدمه ، واما لو كلّف به مطلقا على تقدير الاتيان بها خاصة فلا يبقى اطلاق الامر فيه بحاله ... (الفصول : ص ٨١)