عالم بما سيكون وما سيفعله كما في صحيح مسلم (١) ، فلِمَ لم يسأل ابن تيميّة عن حكمة وجوده ، وعن منفعة وجوده لأهل الأرض ، أو من علّمه الغيب ، وعن حكمة حبسه في الجزيرة ، ولِمَ حبس ، ولم يتكفّل لوازمه ، ولِمَ لم يطلع عليه بعد نبيّهم وأصحابه الذين أخبروا النبيّ صلىاللهعليهوآله به وأخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله أصحابه به أحد ؟ ! فوجود الدجّال أحقّ بالتحيّر والسؤال.
مع أنّك لو كذّبت حديثه الثابت في الصحاح كفرت ، فما هذا اللجاج والعناد في المهدي الذي لا قرار للأرض إلّا بوجوده ، وهو أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ، يسير في الأرض و يحضر في الأمصار و يحضر الموسم في كلّ سنة ، وله أهل وخاصّة لا كالدجّال محبوس ، فلا تسأل عن الدجّال وتسأل عن المهدي ، حتّى انتهى بك اللجاج إلى تحريف الحديث والكذب الصريح ، قال في صفحة ١٣٣ : وقد روي عن علي رضياللهعنه أنّه قال : هو ـ يعني المهدي ـ من ولد الحسن بن علي لا من ولد الحسين بن علي (٢) .
فأين هذا الحديث يا محروم ومن رواه في كتابه من كتب الحديث ؟ ! كلّا بل هذا بلفظ مكذوب لم يذكره أحد من المسلمين في كتاب من كتبهم و إنّما الحديث هو ما رواه أبو داوُد في سننه في آخر كتاب المهدي قال : قال أبو داوُد : حدثت عن هارون بن المغيرة قال : أخبرنا عمر بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق قال : قال عليّ ونظر إلى ابنه الحسن فقال : « إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه النبيّ صلىاللهعليهوآله وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم صلىاللهعليهوآله يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخلق » ثمّ ذكر
__________________
(١) صحيح مسلم ٤ : ٢٢٦١ الباب ٢٢ / ٤٩٤٣ .
(٢) منهاج السنّة ٤ : ٩٥ .