وأمّا في غير ذلك يتوجّهون إلى المشرق و ينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه (١) ، إلى آخره .
أقول : أمّا أوّلاً : فلا يجوز التمسّك بفعل العوام الجهّال لإبطال أصل المذهب في الكتب العلميّة .
وثانياً : فهو من الأكاذيب الواضحة التي لا أصل لها ، ولا يمكن إثبات ذلك عن عالم منهم في عصر من الأعصار ، فلا ينبغي لمن يشنّع على خصومه أن ينسب إليهم ما لا يمكنه إثباته إذا طلبوا منه الدليل على ذلك ، و ينقلب التشنيع حينئذ عليه بأنّه الكذاب الأشر ، كما وقع ذلك في كتاب كشف الأسرار لبعض علماء الشيعة حيث قال : أمّا إن كان المراد أنّ عوام الشيعة و جهّالهم يفعلون ذلك ففيه :
أوّلاً : أنّ الجهّال غير داخلين في زمرة من ينقل أقوالهم وعقائدهم وطريقتهم في مقام ذكر العقائد عند كلّ مؤلّف قديماً وحديثاً ، سواء كان الناقل في مقام الإبطال والردّ أو القبول ، فعدّ فعل الجاهل من أمارات فساد أصل مذهبه خارج عن طريقة العلماء الراشدين .
وأمّا ثانياً : فلأ نّه لا يوجد مذهب من المذاهب المعروفة في الإسلام إلّا وفي أهل الجهل من كلّ طائفة اُمور منكرة وعادات شنيعة وأفعال قبيحة ، فلو عُدَّت من أمارات فساد المذهب للُحِقَت الفرقة الواحدة الناجية بالفرق الهالكة ، وحينئذ فعلى الإسلام السلام.
وأمّا ثالثاً : فلأنّ في جماعة أهل السنّة أيضاً اُموراً تشبه ما أورده في
__________________
(١) منهاج السنّة ١ : ٤٤ ـ ٤٦ .