تعظيمه وتمجيده وتقديسه .
قال في كتاب زاد المعاد في هدى خير العباد عند تفسيره قوله تعالى : ( وَ طَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَهِلِيَّةِ ) (١) ما لفظه : قد فسّر هذا الظنّ الذي لا يليق باللَّه عزّ وجلّ : بأنّه سبحانه لا ينصر رسله ، وأنّ أمره سيضمحلّ ، وأنّه يسلمه للقتل .
وقد فسّر بعضهم : أنّ ما أصابهم لم يكن بقضاء اللَّه وقدره ولا حكمة له فيه ، ففسّر بإنكار الحكمة ، و إنكار القدر ، و إنكار أن يتمّ أمر رسوله و يظهره على الدين كلّه ، وهذا هو ظنّ السوء الذي ظنّه المنافقون والمشركون به سبحانه في سورة الفتح حيث يقول : ( وَ يُعَذِّبَ الْمُنَفِقِينَ وَ الْمُنَفِقَتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكَتِ الظَّآنِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ سَآءَتْ مَصِيرًا )(٢) .
وإنّما كان هذا ظنّ السوء وظنّ الجاهليّة وهو الظنّ المنسوب إلى أهل الجهل وظنّ غير الحقّ ، لأنّه ظنّ غير ما يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وذاته المبرّأة من كلّ عيب وسوء ، وخلاف ما يليق بحكمته وحمده وتفرّده بالربوبيّة والإلهيّة ، وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه ، و بكلمته التي سبقت لرسله أنّه ينصرهم ولا يخذلهم ، ولجنده بأنّهم هم الغالبون ، فمن ظنّ به أنّه لا ينصر رسوله ولا يتمّ أمره ولا يؤيّده ولا يؤيّد حزبه و يعليهم و يظفرهم بأعدائهم و يظهرهم عليهم ، وأنّه لا ينصر دينه وكتابه وأنّه يديل الشرك على التوحيد والباطل على الحقّ إدالة مستقرّة يضمحلّ معها التوحيد
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٥٤ .
(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٦ .