ودمه ، وتردّد في ابتداء أمره على مكّة والمدينة ، وأخذ عن جماعة من علماء البلدين ، وكانوا يتفرّسون فيه الإلحاد والضلال ، و يقولون : سيضلّ هذا و يضلّ اللَّه به من أبعده وأشقاه ، فكان الأمر كذلك ، فأظهر العقيدة الزائغة بنجد سنة ألف ومائة وثلاث وأربعين ، وأشتهر أمره بعد الخمسين ، وأشاع بدعته في تلك النواحي ، وصارت فتنته من أعظم الفتن التي ظهرت في الإسلام ، طاشت من بلاياها العقول ، وحار فيها أرباب المعقول .
قال شيخ الإسلام ملك العلماء الأعلام إمام الحرمين وزين الزمان المرحوم بكرم اللَّه المنّان السيد أحمد بن زيني دحلان (١) في كتابه خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام عند ذكره غزوات الشريف غالب (٢) مع الوهابيّة واستطراده الردّ عليهم ما هذا لفظه :
وكان في أوّل أمره ـ يعني محمّد بن عبد الوهاب ـ مولعاً بمطالعة أخبار من ادّعى النبوّة كاذباً كمسيلمة الكذّاب (٣) وسجاح (٤) والأسود
__________________
(١) المكّي الشافعي ، فقيه ، مؤرّخ ، ولد بمكّة سنة ١٢٣٢ ه ، وتولّى فيها الإفتاء والتدريس للشافعيّة ، وتوفّي فيها سنة ١٣٠٤ه ، ومن مؤلّفاته المطبوعة : السيرة النبويّة ، الفتوحات الإسلاميّة ، الجداول المرضية في تاريخ الدولة الإسلاميّة ، خلاصة الكلام في أُمراء البلد الحرام . الأعلام للزركلي ١ : ١٢٩ ـ ١٣٠ .
(٢) ابن مساعد بن سعيد الحسني ، أحد اُمراء وشرفاء مكّة المكرّمة ، توفّي سنة ١٢٣١ ه ، كان فيه دهاء ، وغزواته مع الوهابيّة وآل سعود كثيرة . فتنة الوهابية لأحمد زيني دحلان : ١١ . الأعلام للزركلي ٥ : ١١٥ .
(٣) مسليمة بن حبيب الكذاب ، ادّعى النبوّة في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله وأرسل كتابًا إلى النبيّ : أن أشركني في النبوّة وإنّ الأرض نصفها لي ونصفها لك ، فأجابه النبيّ صلىاللهعليهوآله : بأنّ الأرض للَّه يورثها من يشاء من عباده . قتل في السنة الثانية عشرة . الكامل ٢ : ٢٩٨ ـ ٣٦٤ ، العبر ١ : ١١ ، البداية والنهاية ٥ : ٥٢ .
(٤) بنت الحارث بن سويد بن عقفان التيميّة ، ادّعت النبوة بعد وفاة رسول اللَّه صلىاللهعليهوآله بالجزيرة