والحاكم في المستدرك (١) بإسناد صحيح ، وذكره الجلال السيوطي في الجامع الكبير (٢) والصغير (٣) ، ففي هذا الحديث التوسّل والنداء وابن عبد الوهّاب يمنع كلّاً منهما و يحكم بكفر من فعل ذلك.
وليس لابن عبد الوهّاب أن يقول : إنّ هذا إنّما كان في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لأنّ الدعاء استعمله أيضاً الصحابة والتابعون بعد وفاته صلىاللهعليهوآله لقضاء حوائجهم فقد روى الطبراني (٤) والبيهقي (٥) : أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان في زمن خلافته في حاجة فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته ، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف ، فقال له : ائت الميضاة فتوضّأ ، ثمّ ائت المسجد فصلّ ، ثمّ قل : « اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّنا محمّد نبي الرحمة ، يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّك لتقضي حاجتي » وتذكر حاجتك . فانطلق الرجل فصنع ذلك ، ثمّ أتى باب عثمان رضياللهعنه ، فجاء البوّاب فأخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه وقال : اذكر حاجتك . فذكر حاجته فقضاها ، ثمّ قال له : ما كان لك من حاجة فاذكرها . ثمّ خرج من عنده فلقى ابن حنيف فقال له : جزاك اللَّه خيراً ما كان ينظر في حاجتي ، كلّمته لي ؟ فقال ابن حنيف : واللَّه ما كلّمته ، ولكنّي شهدت رسول اللَّه صلىاللهعليهوآله وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره إلى آخر الحديث المتقدّم . فهذا توسّل ونداء بعد وفاته صلىاللهعليهوآله .
__________________
(١) المستدرك علي الصحيحين ١ : ٥٢٦ .
(٢) الجامع الكبير ٣ : ٢٧٢ / ٨٥٩٠ .
(٣) الجامع الصغير ١ : ٢٢٧ / ١٥٠٨ .
(٤) الدعاء : ٣٢٠ / ١٠٥٠ ، المعجم الصغير ١ : ١٨٣ ، المعجم الكبير ٩ : ٣٠ / ٨٣١١ .
(٥) دلائل النبوّة ٦ : ١٦٧ .