وروى البيهقي وابن [ أبي ] شيبة بإسناد صحيح : أنّ الناس أصابهم قحط في خلافة عمر رضياللهعنه ، فجاء بلال بن الحارث رضياللهعنه (١) إلى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله وقال : يا رسول اللَّه استسق لاُمّتك فإنّهم هلكوا ، فأتاه رسول اللَّه صلىاللهعليهوآله في المنام وأخبره أنّهم يسقون (٢) .
وليس الاستدلال بالرؤيا للنبي صلىاللهعليهوآله فإنّ رؤياه و إن كانت حقّاً لكن لا نثبت بها الأحكام لإمكان اشتباه الكلام على الرائي لا لشكّ في الرؤيا ، و إنّما الاستدلال بفعل بلال بن الحارث في اليقظة فإنّه من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فإتيانه لقبر رسول اللَّه صلىاللهعليهوآله ونداؤه له وطلبه أن يستسقي لاُ مّته دليل على أنّ ذلك جائز ، وهو من باب التوسّل والتشفّع والاستغاثة به صلىاللهعليهوآله وذلك من أعظم القربات .
وقد توسّل به صلىاللهعليهوآله أبوه آدم قبل وجوده صلىاللهعليهوآله حين أكل من الشجرة التي نهاه اللَّه عنها ، قال بعض المفسّرين في قوله تعالى : ( فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ) (٣) : إنّ الكلمات هي توسّله بالنبي صلىاللهعليهوآله (٤) .
وروى البيهقي بإسناد صحيح في كتابه دلائل النبوّة ـ الذي قال فيه الحافظ الذهبي : عليك به فإنّه كلّه هدىً ونور (٥) ـ عن عمر بن الخطّاب
__________________
(١) بلال بن الحارث المزني ، صحابي ، كان يحمل لواء مزينة في فتح مكّة ، ثمّ سكن البصرة ، توفّي سنة ٦٠ ه وله ٨٠ سنة . الأعلام للزركلي ٢ : ٧٢ .
(٢) دلائل النبوّة ٧ : ٤٧ ، المصنّف ٦ ک ٣٥٩ / ٣١٩٩٣ .
(٣) سورة البقرة ٢ : ٣٧ .
(٤) في تفسير القرطبي ١ : ٣٢٤ : رأى آدم مكتوباً على ساق العرش : محمّد رسول اللَّه ، فتشفّع به . وراجع تفسير الجواهر الحسان للثعالبي ١ : ٦٧ ، وروح المعاني ١ : ٣٢٧ ، وانظر التبيان للشيخ الطوسي ١ : ٢٣٧ ، وجوامع الجامع للشيخ الطبرسي ١ : ٩٧ .
(٥) عنه في الرسالة المستطرفة للكتّاني : ١٠٥ .