قال : ولمّا ولد جثا على ركبته ورفع سبّابته إلى السماء وعطس وقال : « الحمد للَّه ربّ العالمين » .
وحكي قبل هذا عن حكيمة بنت الإمام الجواد أنّها كانت حاضرة وقت ولادته ، وأنّه لمّا ولد أضاء البيت فرأيت الولد على الأرض ساجداً ، فأخذته فناداني أبوه أبو محمّد من حجرته : « يا عمة ايتيني بولدي » فأتيته به فأجلسه في حجره ، ووضع لسانه في فمه وقال : « تكلّم يا ولدي بإذن اللَّه تعالى » ، فقال : ( بسم اللَّه الرحمن الرحيم وَ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِى الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوَ رِثِينَ ) (١) الحديث (٢) .
وبالجملة فلا ينبغي من ابن تيميّة أن يتكلّم بما يفضح نفسه بين الناس ، بل كان ينبغي بعد أن فرض وجوده أن يطلب الدليل على أنّه المهدي الموعود لا هذه الكلمات الواهيات والخرافات التي تضحك الأطفال ، كقوله : ثمّ هذا باتّفاق منهم سواء قدر وجوده أو عدمه ، لا ينتفعون به لا في الدين ولا في الدنيا ، ولا علّم أحداً شيئاً ولا عرف له صفة من صفات الخير ولا الشرّ ، فلم يحصل به شيء من مقاصد الإمامة ومصالحها لا الخاصّة ولا العامة (٣) .
فهذا من نمط ما قبله من أقبح الكذب لا تّفاق أهل السنّة والإماميّة القائلين بإمامته على الانتفاع به في غيبته ، أمّا من أهل السنّة فقد عرفت أسماءهم ونصوصهم به ، و بالانتفاع منه خصوصاً مشايخ الصوفيّة فإنّهم
__________________
(١) سورة القصص ٢٨ : ٥ .
(٢) شواهد النبوّة : ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ، وانظر أعيان الشيعة ٢ : ٦٧ ، واحقاق الحق ١٣ : ٩٥ .
(٣) منهاج السنّة ٤ : ٨٩ ـ ٩٠ .