هو من نعم اللَّه عليه ، وهذا المنتظر لم يحصل به لطائفته إلّا الانتظار لمن لا يأتي ، ودوام الحسرة والألم ، ومعاداة العالم ، والدعاء الذي لا يستجيبه اللَّه ؛ لأنّهم يدعون له بالظهور والخروج من مدّة أكثر من أربعمائة وخمسين سنة ولم يحصل شيء من هذا (١) ، انتهى ما أردنا نقله .
أقول : مَن أخبرك يا محروم أنّه لا يمكنه أن يذكر شيئاً من العلم والدين ؟ ! وأين هذا الكلام ؟ ! لم لا تدلّ على قائله أو الكتاب الذي ذكر فيه ذلك ؟ ! هذه كتب علماء السنّة وعلماء الإماميّة قد نصّوا فيها على الانتفاع به ، والكتابة عنه ، وتعلّم الذكر منه ، وعلى جواب المسائل في الدين ، وقد جمعت ودوّنت ، وقد تقدّم شرح ذلك واعتقاد الشيعة فيه ، وعد من تشرّف منهم بخدمته وكذلك علماء الصوفيّة وأهل الحقّ والحقيقة ، وأنّه لا يمكن القطع من أحد على نفي ذلك كيف وقد رووا : أنّ المهدي يحضر الموسم في كلّ سنة (٢) ، ورآه جماعة كثيرة تزيد على سبعين في أيّام غيبته الصغرى التي كانت له فيها نواب مخصوصة يخرج إليهم التوقيعات ابتداءً وجواباً عن المسائل التي كانوا يسألونها ، وقد ذكروها في كتبهم ، وكذلك في الغيبة الكبرى كما لا يخفى على من راجع جنّة المأوى وكتاب النجم الثاقب .
فهو كما قال نصير الدين الطوسي : وجوده لطف ، وتصرّفه لطف آخر ، وغيبته منّا (٣) . فإنّ اللطف يقتضي أن يخلق اللَّه الماء لرفع العطش ، فإذا خلق الماء حصل اللطف ، ولا يجب على اللَّه أن يوجر الماء في حلق العطشان ،
__________________
(١) منهاج السنّة ٤٠ : ٩٠ ـ ٩١ .
(٢) الكافي ١ : ٣٣٢ / ١٥ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٤٤٠ / ٨ ، بحار الأنوار ٥٢ : ١٥٢ / ٤ .
(٣) تجريد الاعتقاد : ٢٢١ ، وانظر كشف المراد : ٣٦٢ .