بل عليه أن يذهب و يحصل الماء ، فإذا هو سدّ على نفسه باب الماء حتّى مات من العطش كان المانع منه لا من اللَّه ، وقد عرفت أنّ خواص شيعته الذين هم أهل السرّ لا مانع فيهم عن الملاقاة له والانتفاع به ، فليس هو بغائب عنهم كما قال : «ليس بمحجوب عنكم ، و إنّما حجبه سوء أعمالكم » (١) على أنّ ظهور تمام اللطف ـ الذي خلق اللَّه له ـ له وقت معلوم لو أراد المهدي الخروج قبله لا يمكنه ذلك ولا يقدر عليه ، كما اعترفت به أنت في الصفحة العاشرة من الجزء الأوّل من منهاج السنّة حيث قلت : ومن المعلوم أنّه لو كان موجوداً وقد أمره اللَّه بالخروج فإنّه يخرج سواء نادوه أو لم ينادوه ، و إن لم يؤذن له فهو لا يقبل منهم (٢) ، انتهى .
ولذلك الوقت علامات وآيات لا بدّ أنّ تظهر قبل ظهوره مترتّبات منظومات يتبع بعضها بعضاً كخروج الدجّال والسفياني والصيحة وأمثال ذلك ممّا صرّحت به الصحاح وتواترت به الروايات (٣) ، فالمهدي قبل ظهور تلك العلامات كجدّه النبيّ صلىاللهعليهوآله قبل البعثة ، وأيضاً لا بدّ أن يخرج ودائع اللَّه كما في حديث : « أنّ القائم لن يظهر أبداً حتّى تخرج ودائع اللَّه عزّ وجلّ فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء اللَّه عزّ وجلّ فقتلهم » (٤) .
أقول : من جملة تلك الودائع النطف في أصلاب بعض الناس الذين إذا ظهر المهدي قتلهم ، فلا بدّ من مضي زمان تخرج ودائع اللَّه من أصلاب
__________________
(١) دلائل الإمامة : ٥٤١ ، بحار الأنوار ٥٣ : ٣٢٠ ، مكيال المكارم ١ : ٣٢٤ .
(٢) منهاج السنّة ١ : ٤٦ .
(٣) انظر كتاب الفتن لنعيم بن حماد ، وكتاب السنن الواردة في الفتن للداني ، وكتاب العرف الوردي في أخبار المهدي للسيوطي .
(٤) كمال الدين وتمام النعمة : ٦٤١ ، علل الشرائع ١ : ١٤٧ / ٢ ـ ٤ .