وقيل : مائة سنة وستاً وعشرين سنة فصاعداً ، وليس يشك العاقل في أنّ العادات بيد اللَّه تعالى ، وأنّه يصحّ منه تغيرها على التدريج حتّى يصير خارقاً للعادة .
و إذا جاز أن يعمّر اللَّه تعالى جماعة من خلقه من أنبيائه وأوليائه والمشركين بصحّة الأجسام وثبوت العقل والرأي كما روته أصحاب السير والآثار وتواتر به الأخبار وقبح في مثله الإنكار ، فما الذي ينكر ابن تيميّة من طول عمر صاحب الزمان وهو حجّة اللَّه على العباد وخاتم الأئمّة من ذريّة رسول اللَّه صلىاللهعليهوآله والموعود بالبقاء حتّى يكون على يده هلاك جميع الأعداء و يصير الدين كلّه للَّه ؟ !
قال السيّد المرتضى في الدرر والغرر بعد كلام طويل : فلا شكّ في أنّ العادات قد جرت في الأعمار بأقدار متقاربة يعدّ الزائد عليها خارقاً للعادة ، إلّا أنّه قد ثبت أنّ العادات قد تختلف في الأوقات وفي الأماكن أيضاً و يجب أن يراعى في العادات إضافتها إلى من هي عادة له في المكان والوقت ، وليس يمتنع أن يقل ما كانت العادة جارية به على تدريج حتّى يصير حدوثه خارقاً للعادة بغير خلاف ، ولا أن يكثر الخارق للعادة حتّى يصير حدوثه غير خارق لها على خلاف فيه ، و إذا صحّ ذلك لم يمتنع أن تكون العادات في الزمان الغابر كانت جارية بتطاول الأعمار وامتدادها ثمّ تناقص ذلك على التدريج حتّى صارت عاداتنا الآن جارية بخلافه وصار ما بلغ تلك الأعمار خارقاً للعادة (١) ، انتهى . فتأمّله فإنّه هو الكلام الفحل والقول الجزل .
__________________
(١) غرر الفوائد ودرر القلائد ( أمالي المرتضى ) ١ : ٢٧٣ .