فلأنه لا يكاد يعتبر في الواجب إلّا ما له دخل في غرضه الداعي إلى إيجابه والباعث على طلبه ، وليس الغرض من المقدمة إلا حصول ما لولاه لما أمكن حصول ذي المقدمة ، ضرورة أنه لا يكاد يكون الغرض إلا ما يترتب عليه من فائدته وأثره ، ولا يترتب على المقدمة إلا ذلك ، ولا تفاوت فيه بين ما يترتب عليه الواجب ، وما لا يترتب عليه أصلا ، وأنه لا محالة يترتب عليهما ، كما لا يخفى.
وأما ترتب الواجب ، فلا يعقل أن يكون الغرض الداعي إلى إيجابها والباعث على طلبها ، فإنه ليس بأثر تمام المقدمات ، فضلا عن إحداها في غالب الواجبات ، فإن الواجب إلا ما قلّ في الشرعيات والعرفيات فعل اختياري ، يختار المكلف تارة إتيانه بعد وجود تمام مقدماته ، وأخرى عدم إتيانه ، فكيف يكون اختيار إتيانه غرضا من إيجاب كل واحدة من مقدماته ، مع عدم ترتبه على تمامها ، فضلا عن كل واحدة منها؟
______________________________________________________
أنّ ترتّب ذي المقدّمة لا يكون أثرا لمقدّمة من مقدّمات الواجب النفسي ، وحصول الواجب النفسي لا يترتب على جميع المقدّمات في غالب الواجبات ، لأنّها غالبا من الأفعال الاختيارية التي يختارها المكلّف بعد حصول مقدّماتها تارة ويتركها أخرى ، وإذا لم يكن حصول ذي المقدّمة أثرا لجميع المقدّمات في غالبها ، فكيف يكون أثرا لكلّ مقدّمة في جميعها ، بل ذلك الترتّب يختصّ بالواجبات التوليدية. وعليه فلو كان الغرض من الأمر بالمقدّمة هذا الترتّب لاختصّ الوجوب الغيري بالمقدّمة السببيّة ، يعني ما تكون المقدّمة فيه تمام العلّة لحصوله.
وبالجملة بعد ما تبيّن أنّه ليس الغرض من الأمر بالمقدّمة إلّا حصول ما لولاه لا يحصل الواجب ، وأنّ هذا الغرض موجود في كلّ مقدّمة ، ولا دخل للإيصال وعدمه في حصوله ، يكون تخصيص الوجوب الغيري بالمقدّمة الموصلة بلا وجه.
أقول : لا يخفى أنّ ظاهر عبارة الماتن قدسسره أنّ الغرض المترتّب على المقدّمة