ثم إنه لا شهادة على الاعتبار في صحة منع المولى عن مقدماته بأنحائها ، إلا فيما إذا رتّب عليه الواجب لو سلم أصلا ، ضرورة أنه وإن لم يكن الواجب منها حينئذ غير الموصلة ، إلا أنه ليس لأجل اختصاص الوجوب بها في باب المقدمة ، بل لأجل المنع عن غيرها المانع عن الاتصاف بالوجوب هاهنا ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
في الالتزام بذلك ، غاية الأمر يكون الوجوب الغيري المتعلّق بنفس ذي المقدّمة تأكيدا لوجوبه النفسي ، فمثلا الوجوب الغيري المتعلّق بالصلاة يكون مؤكّدا لوجوبها النفسي من غير لزوم محذور ، لأنّ الوجوب الغيري المتعلّق بنفس الصلاة وإن كان يتوقّف على تعلّق الوجوب الغيري بالمقدّمات الموصلة إلى الصلاة ، لكن تعلّق الوجوب الغيري بتلك المقدّمات الموصلة لا يتوقّف على تعلّق الوجوب الغيري بنفس الصلاة ليلزم الدور ، بل تعلّقه بتلك المقدّمات الموصلة يتوقّف على ثبوت الوجوب النفسي المتعلّق بالصلاة ، فالوجوب الغيري الموقوف في الصلاة غير وجوبها النفسي الموقوف عليه فلا دور.
لا يقال : لو كان الوضوء المقيّد بالوصول إلى الصلاة متعلّقا للوجوب الغيري تكون الصلاة مقدّمة للوضوء المزبور ، ونتيجة ذلك كون الصلاة مقدّمة لنفسها ، لأنّ مقدّمة المقدّمة مقدّمة.
فإنّه يقال : لا يتوقّف الوضوء على الصلاة وإن التزم بأنّ الوجوب الغيري يتعلّق بالوضوء الموصل إلى الصلاة ، فإنّ نفس الوضوء غير موقوف على الصلاة ، وإنّما يكون اتصافه بالموصليّة موقوفا على الصلاة ، وهذا لا محذور فيه ، ولا يزيد الوضوء في ذلك بالإضافة إلى الصلاة عن العلّة والمعلول ، حيث ان المعلول يتوقّف في حصوله على تحقّق العلّة ، مع أنّ اتصاف العلّة بالعليّة الفعليّة يكون بحصول المعلول ، وفي المقام تتوقّف الصلاة على الوضوء في حصولها لكون الوضوء قيدا