ثم إنه إذا كان الواجب التبعي ما لم يتعلق به إرادة مستقلة ، فإذا شك في واجب أنه أصليّ أو تبعيّ [١] ، فبأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به يثبت أنه تبعي ، ويترتب عليه آثاره إذا فرض له آثار شرعية ، كسائر الموضوعات المتقومة بأمور عدمية.
نعم لو كان التبعي أمرا وجوديا خاصا غير متقوّم بعدمي ، وإن كان يلزمه ، لما كان يثبت بها إلّا على القول بالأصل المثبت ، كما هو واضح ، فافهم.
______________________________________________________
[١] تعرّض قدسسره لما إذا علم تعلّق الوجوب بفعل وشكّ في أنّه واجب تبعي لم يتعلّق به إرادة وطلب مستقلّ ، أو أنّه أصلي تعلّق به إرادة وطلب مستقل ، فلو فرض ـ لكونه واجبا تبعيا ـ أثر شرعي ، فاستصحاب عدم تعلّق طلب مستقلّ به يثبت كونه تبعيا ويترتب عليه الأثر التبعي كسائر الموضوعات التي تتقوّم بأمر عدمي ، كما إذا علم بوقوع النجاسة في ماء وشكّ في كونه قليلا أو كثيرا ، فإنّ استصحاب عدم كون الماء المزبور كثيرا يثبت قلّته ، فإنّ الماء القليل هو الماء الذي لا يكون بحدّ الكرّ ، والاستصحاب المزبور يحرز قلّته ، فيحكم بنجاسته.
نعم لو كان الوجوب التبعي متقوّما بأمر وجوديّ يلزم من ذلك الأمر الوجودي عدم كون طلبه استقلاليا ، كما إذا قلنا : إنّ الوجوب الغيري طلب خاصّ وهو الطلب الذي يلزم عن طلب فعل آخر ، فلا يثبت كونه تبعيا بالاستصحاب المزبور إلّا على القول بالأصل المثبت ؛ لأنّ إثبات لازم الشيء بالأصل لا يثبت ملزومه ، فإنّ ثبوت الملزوم بإثبات اللازم عقلي.
أقول : أوّلا : إنّ ما ذكره قدسسره من بناء جريان الأصل في ناحية عدم تعلّق إرادة مستقلة بالفعل المعلوم تعلّق الوجوب به على فرض ثبوت أثر شرعي للوجوب التبعي ، غير صحيح ، فإنّه يصحّ الاستصحاب حتّى فيما لو كان للوجوب التبعي أثر عقلي خاصّ ، فإنّ الموضوع في المقام بنفسه قابل للتعبّد وإنّما يعتبر الأثر الشرعي