مع أن البرء وعدمه إنما يتبعان قصد الناذر [١] ، فلا برء بإتيان المقدمة لو قصد الوجوب النفسي ، كما هو المنصرف عند إطلاقه ولو قيل بالملازمة ، وربما يحصل البرء به لو قصد ما يعم المقدمة ولو قيل بعدمها ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
التي تكون واسطة في تشخيص الموضوع أو المتعلّق للحكم الفرعي ، ولذلك لم يجعل المباحث المزبورة من مسائل علم الأصول ، فإنّه يحرز بمسألة الصحيح والأعمّ متعلّق التكليف في خطابات وجوب الصلاة ونحوها ، أو حال الموضوع في مثل قوله سبحانه (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) كما يحرز الموضوع في الخطابات الشرعية الواردة فيها العناوين على هيئة المشتقّ ، بالبحث في معنى المشتقّ.
[١] هذا شروع لبيان عدم تمامية الأمور المذكورة لجعلها ثمرة البحث في نفسها ، وذلك لأنّ القول بالملازمة لا يلازم الالتزام بها.
أمّا البرء وعدمه فيتبعان قصد الناذر ، فإن كان قصد النادر ما يعمّ المقدّمة يكون الإتيان بها موجبا للبرء ، ولو قيل بعدم وجوب المقدّمة وإن أراد ما هو منصرف الواجب عند إطلاقه فلا برء إلّا بالإتيان بالواجب النفسي ، لانصراف إطلاقه إليه ، ولا يحصل البرء بالإتيان بالمقدّمة ، وإن قيل بوجوبها الغيري. وأمّا الإصرار على الحرام فلا يحصل بترك الواجب الناشئ من ترك مقدّماته حتّى على القول بوجوب تلك المقدّمات ، لأنّ الترك المحرّم يحصل بترك مقدّمة لا يتمكّن مع تركها على الواجب النفسي ، فلا يكون ترك سائر المقدّمات بحرام أصلا ، لسقوط التكليف بالترك المزبور.
وربما يقال : إنّ في هذا الوجه ما لا يخفى ، فإنّه إذا كان مقدّمات الواجب كلّها
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٧٥.