ولا يكاد يحصل الإصرار على الحرام بترك واجب ، ولو كانت له مقدمات غير عديدة ، لحصول العصيان بترك أول مقدمة لا يتمكن معه من الواجب ، ولا يكون ترك سائر المقدمات بحرام أصلا ، لسقوط التكليف حينئذ ، كما هو واضح لا يخفى.
______________________________________________________
في عرض واحد ، بحيث يمكن للمكلف الإتيان بأيّ منها ابتداء ، لكان تعيين الترك المحرّم في ترك واحد منها بلا وجه ، بل الأمر في المقدّمات الطولية أيضا كذلك ، فإنّ سقوط الوجوب عن المقدّمة الأولى وإن كان يقارن سقوط الوجوب عن سائر المقدّمات أيضا ، لخروج الواجب عن الاختيار ، إلّا أنّ ما لم يسقط وجوب ذي المقدّمة كان كل من المقدّمات واجبا بوجوب غيري ، وأنّ عصيان جميعها كعصيان الأمر بذي المقدّمة يحصل في زمان واحد.
أقول : لم يذكر الماتن قدسسره تعيين العصيان في ترك واحد ، بل ظاهر كلامه سقوط جميع الوجوبات الغيرية والوجوب النفسي بترك أوّل مقدّمة عند كون المقدّمات طولية ، فالعصيان المتعدّد حصل دفعة ، وظاهر ما ورد في الإصرار على الحرام (١) تكرار العصيان بمرّات ، أي دفعات ، فلا يكون ترك المقدّمات المتأخّرة ارتكابا آخر.
والأصحّ في الجواب هو : أنّ ما دلّ على أنّه لا صغيرة مع الإصرار منصرف عن تعدّد العصيان الحاصل من ترك مقدّمات عديدة لواجب واحد ، حتّى لو قيل بوجوبها الغيري ، بل ظاهره تكرار العصيانات التي يكون كلّ واحد منها موجبا لاستحقاق العقاب ، كما هو الحال في انصراف العصيان والطغيان إلى ما يوجب استحقاق العقاب بنفسه ، كما في التكاليف النفسية.
__________________
(١) الأصول من الكافي : ٢ / ٢٨٨.