وأخذ الأجرة على الواجب لا بأس به [١] ، إذا لم يكن إيجابه على المكلف
______________________________________________________
[١] إذا كان الفعل من الآخرين موردا للغرض ، وكان الواجب على المكلّف نفس الفعل لا الفعل مجّانا ، فلا مانع من تمليك ذلك الفعل للغير بإزاء الأجرة ، ويعمّه وجوب الوفاء بالعقد والإجارة. نعم لو كان الواجب هو الفعل مجّانا ـ كما يستظهر ذلك من خطابات وجوب تجهيز الميت وكالقضاء في المخاصمات بين الناس كما عليه المشهور ـ يكون أخذ الأجرة عليه من أكل المال بالباطل ؛ لأنّ إيجاب شيء مجّانا على المكلّف معناه إلغاء المالية عن ذلك الفعل ، نظير إلغائها عن الأعمال المحرّمة وبعض الأعيان ، كالخمر والخنزير ، فيكون أخذ الأجرة عليه من أكل المال بالباطل. ومقتضى النهي عن الأكل المزبور هو الإرشاد إلى فساده على ما أوضحناه في المكاسب المحرّمة ، وذكرنا أنّ النهي عن أكل المال الظاهر في تملّكه والاستيلاء عليه إرشاد إلى فساد التملك والاستيلاء (١). ولا يختصّ ذلك بالواجبات ، بل يجرى في العمل المستحبّ أيضا ، كتعليم القرآن ، فإنّ أخذ الأجرة عليه فاسد ، على ما استظهر من بعض الروايات ، هذا كلّه في التوصّليات.
وأمّا التعبديات ، فقد يقال بأنّ أخذ الأجرة عليها ينافي قصد التقرّب المعتبر فيها ، وأجاب قدسسره بعدم المنافاة وأنّ الداعي إلى العمل يكون أمر الشارع بها ، غاية الأمر يكون داعوية الأمر والطلب المتعلّق بها متفرّعا على أخذ الأجرة عليها من باب الداعي على الداعي.
وبتعبير آخر : قصد الأجرة يكون كقصد التخلّص من الفقر والمرض المترتّب على بعض العبادات في كون الداعي إليها مطلوبيتها للشارع وتعلّق أمره بها ،
__________________
(١) إرشاد الطالب : ١ / ٦.