مجانا وبلا عوض ، بل كان وجوده المطلق مطلوبا كالصناعات الواجبة كفائية التي لا يكاد ينتظم بدونها البلاد ، ويختل لولاها معاش العباد ، بل ربما يجب أخذ الأجرة عليها لذلك ، أي لزوم الاختلال وعدم الانتظام لو لا أخذها ، هذا في الواجبات التوصلية.
وأما الواجبات التعبدية ، فيمكن أن يقال بجواز أخذ الأجرة على إتيانها بداعي امتثالها ، لا على نفس الإتيان ، كي ينافي عباديتها ، فيكون من قبيل الداعي إلى الداعي ، غاية الأمر يعتبر فيها ـ كغيرها ـ أن يكون فيها منفعة عائدة إلى المستأجر ، كي لا تكون المعاملة سفهية ، وأخذ الأجرة عليها أكلا بالباطل.
______________________________________________________
والموجب لداعوية أمر الشارع بها قصد التخلّص من الفقر والمرض ، وفي مفروض الكلام يكون الداعي إلى فعل الواجب أمر الشارع به ، بحيث لو لم يكن أمره لما كان يأتي به ولا يأخذ الأجرة عليه ، وأخذ الأجرة أوجب داعوية في أمر الشارع به.
لا يقال : فرق بين المقامين ، فإنّ سائر المقاصد الدنيوية المترتّبة على بعض العبادات أحيانا لا تنافي قصد التقرّب المعتبر في العبادات ، لأنّ نفس طلب تلك المقاصد من الله (سبحانه) مطلوب لله (عزوجل) ، بخلاف طلب الأجرة عن الغير ، فإنّه لا يلائم التقرّب المعتبر في العمل بل ينافيه.
فإنّه يقال : ليس المراد من أخذ الأجرة مجرّد الأخذ الخارجي ، بل تملّكها شرعا ، ولذا يأتي بالعمل بعد غياب المستأجر وأخذه الأجرة منه ، خوفا من حساب ربّه والمؤاخذة على حقوق الناس يوم القيامة ، وهذا يناسب قصد التقرّب لا أنّه ينافيه.
ثمّ ذكر قدسسره أنّ جواز تملك الأجرة بإزاء العمل في العبادات لا بدّ أن تكون كغيرها مما يرجع نفعه إلى المستأجر ، بحيث يكون لذلك العمل مالية ، حتّى لا تكون