ويقول مولويا (أدخل السوق واشتر اللحم) مثلا ، بداهة أن الطلب المنشأ بخطاب (أدخل) مثل المنشأ بخطاب (اشتر) في كونه بعثا مولويا ، وأنه حيث تعلقت إرادته بإيجاد عبده الاشتراء ، ترشّحت منها له إرادة أخرى بدخول السوق ، بعد الالتفات إليه وأنه يكون مقدمة له ، كما لا يخفى.
ويؤيد الوجدان ، بل يكون من أوضح البرهان ، وجود الأوامر الغيرية في الشرعيات والعرفيات ، لوضوح أنه لا يكاد يتعلق بمقدمة أمر غيريّ ، إلّا إذا كان فيها مناطه ، وإذا كان فيها كان في مثلها ، فيصح تعلقه به أيضا ، لتحقق ملاكه ومناطه ، والتفصيل بين السبب وغيره والشرط الشرعي وغيره سيأتي بطلانه ، وأنه لا تفاوت في باب الملازمة بين مقدمة ومقدمة.
______________________________________________________
الواجب النفسي قيدا أو الإرشاد إلى طاعة الأمر بذيها.
لا يقال : لا يتمّ ذلك بالإضافة إلى الوجوب الغيري التبعي ، فإنّه أمر قهري تابع لتعلّق الطلب إلى ذيها.
فإنّه يقال : كما لا يتعلّق الوجوب الغيري المولوي الأصلي بالمقدّمة كذلك لا يتعلّق بها الوجوب الغيري التبعي ؛ إذ ليس الوجوب التبعي إلّا كون الشيء بحيث لو التفت الآمر إليه لأنشأ الوجوب له ، وقد ذكرنا أنّ المقدّمة بما هي مقدّمة لو التفت إليها الآمر ألف مرّة لا يجد فيها ملاك الأمر المولوي ليأمر بها ، هذا بالإضافة إلى الوجوب المنشأ ، وأمّا الإرادة الغيرية بأن يكون تعلّق إرادة الفاعل بفعل يستتبع إرادة أخرى متعلّقة بمقدّمته ، فهذا أمر صحيح ، ولكنّه مختصّ بإرادة الفعل المباشري والآمر تتعلّق إرادته بفعل نفسه ، وهو أمره وإيجابه ، والإيجاب في شيء لا يتوقّف على إيجاب مقدّمته ، بل نفس ذلك الشيء حصوله يتوقّف على إيجاد مقدّمته.
نعم الشوق إلى فعل وحده غير ممكن ، بل يتبعه الاشتياق إلى مقدّمته إلّا أنّ