ولا بأس بذكر الاستدلال الذي هو كالأصل لغيره ـ مما ذكره الأفاضل عن الاستدلالات ـ وهو ما ذكره أبو الحسن [الحسين] البصري ، وهو أنه لو لم يجب المقدمة لجاز تركها ، وحينئذ ، فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق ، وإلا خرج الواجب المطلق عن وجوبه [١].
______________________________________________________
الشوق غير الإرادة وغير الإيجاب.
ومما ذكرنا ظهر أنّه لا شهادة في مثل قول الآمر (ادخل السوق واشتر اللحم) على الوجوب الغيري المولوي في المقدّمة ، فإنّ قوله (ادخل السوق) إمّا إرشاد إلى طريق طاعة الأمر بالشراء ، أو تأكيد للأمر بالشراء.
والأوامر الواردة في الشريعة بالمقدّمات إرشاد إلى دخالة متعلّقاتها في العبادة أو المعاملة ، والشاهد على ذلك تعلّق مثل هذه الأوامر بجزء الواجب أيضا ، مع أنّ الجزء ـ كما تقدّم ـ غير قابل للوجوب الغيري ، بل المتعيّن فيه الإرشاد إلى جزئية متعلّقه للواجب النفسي وأخذه في متعلّق الأمر النفسي ، كما أنّ الأمر بالخارج عن الواجب النفسي إرشاد إلى دخالته فيه شرطا ؛ ولذا يكون المستفاد من الأمر بجزء الواجب العبادي أو شرطه هو عين ما يستفاد من الأمر بجزء المعاملة أو شرطها كالأمر بالتقابض في بيع الصرف.
نعم للأمر المولوي الغيري بالمقدّمة مورد واحد ، وهو ما إذا لم يكن التكليف بذي المقدّمة فعليّا ، كما ذكرنا ذلك في تصحيح الأمر بتعلّم العبادات وغيرها من الواجبات قبل حصول وجوبها ، فإنّ مع عدم فعلية وجوب الشيء لا يستقلّ العقل بلزوم التحفظ عليه بتحصيل مقدّمته من قبل ، فيكون تكليف الشارع بتحصيلها لغاية هذا التحفظ وتصحيح العقاب على تفويت ملاك ذلك الواجب.
[١] هذا الاستدلال محكى عن أبي الحسن البصري في باب وجوب المقدّمة ،