وأمّا على المختار لشيخنا العلّامة ـ أعلى الله مقامه ـ فلأنّه وإن كان من المقدمات الوجودية للواجب ، إلا أنّه أخذ على نحو لا يكاد يترشح عليه الوجوب منه ، فإنّه جعل الشيء واجبا على تقدير حصول ذاك الشرط ، فمعه كيف يترشح
______________________________________________________
وأمّا بناء على مسلك الشيخ قدسسره فقد تقدّم أنّ الوجوب يتعلق بالحجّ المقارن للاستطاعة الخارجية مثلا ، وأنّ الاستطاعة قد أخذت قيدا للحجّ بنحو لا يتعلّق بها وجوب ويكون المكلّف مطلق العنان بالإضافة إليها ، ولو تعلّق بها وجوب ففي فرض عدمها يلزم الخلف ، وفي فرض وجودها يلزم طلب الحاصل.
أقول : ظاهر كلامه قدسسره تعلق الوجوب فعلا على مسلك الشيخ قدسسره بالحجّ على تقدير استطاعته ولو بعد حين من عمره ؛ ولذا يجب عليه فعلا سائر مقدّماته الوجودية على تقدير تلك الاستطاعة ، وهذا يرجع إلى الواجب المشروط بالشرط المتأخّر ، كما يظهر ذلك أيضا من قوله : «فإنّه جعل الشيء ـ أي الحج مثلا ـ واجبا على تقدير حصول ذلك الشرط ، فمعه كيف يترشح عليه الوجوب ويتعلّق به الطلب؟ وهل هو إلّا طلب الحاصل» (١) ، ولكن إنّ هذا الإرجاع لا يناسب استدلال الشيخ قدسسره على عدم كون الشرط قيدا للوجوب ، فإنّه لو أمكن كون الشرط قيدا للوجوب بنحو الشرط المتأخّر لأمكن كونه قيدا للوجوب بنحو الشرط المقارن بالأولوية.
والمناسب لكلامه واستدلاله هو أن يلتزم بأنّ التكليف في الواجبات المشروطة كالواجبات المطلقة مجعول في حقّ كلّ قابل للتكليف من البالغ العاقل المتمكّن على متعلّقه زمان العمل فيطلب منه الفعل المقيّد بحيث لا يسري الطلب إلى قيده ، ولو سرى الطلب إلى ذلك القيد لزم الخلف.
__________________
(١) الكفاية : ص ٩٩.