وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر ، ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامة بين البعث نحو واحد في زمان والزجر عنه في ذاك الزمان ، وإن لم يكن بينها مضادة ما لم يبلغ إلى تلك المرتبة ، لعدم المنافاة والمعاندة بين وجوداتها الإنشائية قبل البلوغ إليها ، كما لا يخفى ، فاستحالة اجتماع الأمر والنهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال ، بل من جهة أنه بنفسه محال ، فلا يجوز عند من يجوز التكليف بغير المقدور أيضا.
______________________________________________________
مقوم البعث والمضاف إليه هو الفعل بوجوده العنواني الفرضي المطابق لما في أفق الأمر الاعتباري.
لا يقال : لا تجتمع المتضادات في الفعل بوجوده العنواني الفرضي فلا يكون الفعل الواحد بعنوانه معروضا لوصفين متضادين أو متماثلين.
فإنّه يقال : ما يمتنع من ذلك هو الواحد الشخصي وامّا الواحد النوعي والجنسي ونحوهما ممّا له نحو من الكليّة من دون تشخّص وتعيين وجودي فتجتمع فيه الأوصاف المتباينة بداهة أنّ طبيعي الفعل يتعلّق به النهي من قبل مولى والأمر به من قبل مولى آخر مع أنّ الفعل لا يخرج عن كونه طبيعيّا بتعدد الموالى والعبيد وتعدد الفاعل والسبب الموجد وكل ذلك لا دخل له في تحقّق التضاد وعدمه بل المناط فيه وحدة الموضوع والمفروض امكان الاجتماع في هذا الواحد.
فالمتحصّل أنّ البعث والزجر ليسا من الأحوال الخارجية بل من الأمور الاعتبارية وانّ متعلّقهما ليس من الموجودات العينيّة بل العنوانية والوحدة المفروضة فيها ليست شخصية بل طبيعية فلا موجب لتوهم اجتماع الضدين والمثلين من البعث بشيء والزجر عنه حتى فيما كان المتعلق لكل منهما عنوانا واحدا ، نعم في موارد وحدة العنوان محذور آخر وقد مرّ في بحث المقدمة وسيجيء