والجواب عنه أما إجمالا : فبأنه لا بد من التصرف والتأويل فيما وقع في الشريعة مما ظاهره الاجتماع ، بعد قيام الدليل على الامتناع ، ضرورة أن الظهور لا يصادم البرهان ، مع أن قضية ظهور تلك الموارد ، اجتماع الحكمين فيها بعنوان واحد ، ولا يقول الخصم بجوازه كذلك ، بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين وبوجهين ، فهو أيضا لا بد له من التفصي عن إشكال الاجتماع فيها لا سيما إذا لم يكن هناك مندوحة ، كما في العبادات المكروهة التي لا بدل لها ، فلا يبقى له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فيها على جوازه أصلا ، كما لا يخفى.
وأما تفصيلا : فقد أجيب عنه بوجوه ، يوجب ذكرها بما فيها من النقض والإبرام طول الكلام بما لا يسعه المقام ، فالأولى الاقتصار على ما هو التحقيق في حسم مادة الإشكال ، فيقال وعلى الله الاتكال : إن العبادات المكروهة على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما تعلق به النهي بعنوانه وذاته ، ولا بدل له ، كصوم يوم عاشوراء ، والنوافل المبتدئة في بعض الأوقات.
______________________________________________________
الترك موجبا لحصول عنوان حسن معه ، ولا يخفى أن تفويت صلاح الصوم وصلاح تركه معا ممكن كما إذا صام بلا قصد التقرب ، وحيث لا يمكن استيفاء صلاح الفعل وصلاح الترك معا يكون المورد من التزاحم كسائر المستحبات المتزاحمة فيحكم بالتخيير بينهما ما لم يكن أهمّ في البين وإلّا فيقدّم الأهم وإن كان موافقة الآخر أيضا جائزا ويقع صحيحا ، حيث إنّه في نفسه أيضا راجح وموافق للغرض كما هو الحال في سائر المستحبات المتزاحمة ، بل الواجبات المتزاحمة ، وارجحية الترك من الفعل كما ذكر لا توجب حزازة ومنقصة في الفعل كما لو كان في الفعل مفسدة راجحة على صلاحه حتى لا يقع الفعل صحيحا مع المفسدة الراجحة بناء على امتناع اجتماع الأمر والنهي حيث إنّ الحزازة والمنقصة في الفعل تمنع عن التقرب بالفعل ، بخلاف