وفيه : إنه لا سبيل للعرف في الحكم بالجواز أو الامتناع ، إلّا طريق العقل ، فلا معنى لهذا التفصيل إلّا ما أشرنا إليه من النظر المسامحي الغير المبتني على التدقيق والتحقيق ، وأنت خبير بعدم العبرة به ، بعد الاطلاع على خلافه بالنظر الدقيق ، وقد عرفت فيما تقدم أن النزاع ليس في خصوص مدلول صيغة الأمر والنهي ، بل في الأعم ، فلا مجال لأن يتوهم أن العرف هو المحكم في تعيين المداليل ، ولعله كان بين مدلوليهما حسب تعيينه تناف ، لا يجتمعان في واحد ولو بعنوانين ، وإن كان العقل يرى جواز اجتماع الوجوب والحرمة في واحد بوجهين ، فتدبر.
______________________________________________________
ولكن لا اعتبار بتسامحه فيما لو أمكن التفاته إلى مسامحته ولو بالتنبيه وإلّا فلا يبعد الاعتبار به ، وبالجملة لا اعتبار بالمسامحات العرفية في تطبيق العناوين على مصاديقهما فيما أمكن تنبّههم عليه إلّا مع قيام دليل خاص على اعتبار مسامحتهم.
وتوجيه الجواز عقلا والامتناع عرفا هو بأنّ الأمر بالشيء ظاهره الأمر به في مصاديق لا يعمّها خطاب النهي ، فهذا يرجع إلى الجمع العرفي بين خطابي الأمر والنهي فيجوز عقلا اجتماعهما في واحد بوجهين وبعد فرض كون التركيب بين العنوانين في المجمع اتحاديا لا يمكن أن يعمّه الخطابان معا فيمتنع عرفا.