إذا عرفت ذلك ، فقد عرفت أنّه لا إشكال أصلا في لزوم الإتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب ، إذا لم يقدر عليه بعد زمانه ، فيما كان وجوبه حاليا مطلقا ، ولو كان مشروطا بشرط متأخر ، كان معلوم الوجود فيما بعد ، كما لا يخفى ، ضرورة فعلية وجوبه وتنجزه بالقدرة عليه بتمهيد مقدمته ، فيترشح منه الوجوب عليها على الملازمة ، ولا يلزم منه محذور وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها ، وإنما اللازم
______________________________________________________
ذي المقدّمة أمرا حاليا أو استقباليا ، كالصوم في الغد والمناسك في الموسم ، ولا يفرق أيضا في فعلية وجوب ذيها بين كون وجوبه مشروطا قد تحقّق ذلك الشرط ، كما إذا كان مشروطا بنحو الشرط المتقدّم أو المقارن ، أو يتحقّق في ظرفه ، كما إذا كان وجوبه مشروطا بنحو الشرط المتأخّر أو كون وجوبه مطلقا بنحو الواجب المنجّز ، أو بنحو الواجب المعلّق ، فإنّه مع حالية وجوب ذي المقدّمة يجب على المكلّف مقدّماته الوجودية.
نعم فيما كانت مقدّمة الوجود قيدا للوجوب أيضا ، أو كانت مقدّمة الوجود مأخوذة في الواجب بنحو لا يسري إليها الوجوب الغيري ، كما إذا أخذت عنوانا للمكلّف ، كالمسافر والحاضر والمستطيع ، أو كان الواجب هو الفعل المقيّد باتفاق حصوله باختيار المكلّف أو بلا اختياره ، لم يتعلّق بها الوجوب الغيري ولم يلزم تحصيلها.
والوجه في عدم اتّصاف مقدّمة الوجوب وشرطه بالوجوب الغيري فيما أخذ بنحو الشرط المتقدّم أو المقارن ظاهر حيث لا فعلية لوجوب ذي المقدّمة قبل تحقّقه ، وبعد تحقّقه لا معنى لتعلّق الوجوب الغيري به ، لأنّه من طلب الحاصل ، وكذا فيما كان القيد عنوانا للمكلّف ، فإنّ وجوب الصلاة قصرا يتوقّف على السفر خارجا ليصير المكلّف مسافرا ، ومعه لا معنى لتعلّق الوجوب الغيري بالسفر بعد