نعم انما اعتبر ذلك في الامتثال ، لما عرفت من انه لا يكاد يكون الآتي بها بدونه ممتثلا لأمرها ، وآخذا في امتثال الأمر بذيها ، فيثاب بثواب أشقّ الأعمال ، فيقع الفعل المقدمي على صفة الوجوب ، ولو لم يقصد به التوصل ، كسائر الواجبات التوصلية ، لا على حكمه السابق الثابت له ، لو لا عروض صفة توقف الواجب الفعلي المنجز عليه ، فيقع الدخول في ملك الغير واجبا إذا كان مقدمة لإنقاذ غريق أو إطفاء حريق واجب فعليّ لا حراما ، وإن لم يلتفت إلى التوقف والمقدمية ، غاية الأمر يكون حينئذ متجرّئا فيه ، كما أنّه مع الالتفات يتجرأ بالنسبة إلى ذي المقدمة ، فيما لم يقصد التوصل إليه أصلا.
______________________________________________________
الحريق والغريق عند دخوله ، كان دخوله محرّما حتّى بناء على وجوب ذات المقدّمة ؛ وذلك لأنّ الغافل عن الغريق والحريق لا يكون مكلّفا بهما ما دام غافلا لتجب مقدّمتهما ، وبعد الدخول والالتفات تجب المقدّمة ، ولكن لا يتوقّفان على الدخول ليقال إنّ الداخل يكون متجرّيا بالإضافة إلى دخوله.
وأيضا الدخول في صورة علمه بوجود الغريق والحريق بلا قصد التوصّل لا يكون تجرّيا ، بالإضافة إلى وجوب الإنقاذ والاطفاء ، بل التجرّي يحصل بقصد عدم التوصّل وإرادة ترك الإنقاذ والإطفاء رأسا ، ولو فرض أنّ الوجوب الغيري يتعلّق بذات المقدّمة ، ودخل في ملك الغير متردّدا في الإنقاذ والإطفاء بعد دخوله لا يكون الدخول بقصد التوصّل ، ولكن إذا جزم بالإنقاذ والإطفاء بعد الدخول ، لا يكون متجرّيا لا بالإضافة إلى الدخول ولا بالإضافة إلى ما يتوقّف عليه.
ثمّ إنّ الماتن قدسسره ، وإن التزم بتعلّق الوجوب الغيري بناء على الملازمة بذات المقدّمة ، ولكنه يظهر من قوله : «نعم إنّما اعتبر ذلك في الامتثال ... الخ» أنّ قصد التوصّل حين الإتيان بالمقدّمة يوجب حصول أمرين : أحدهما تحقّق امتثال الأمر